القاهرة - علي فراج - علي البلهاسي:
أكد خبراء عسكريون وسياسيون مصريون أن تقرير الأمم المتحدة حول الوضع في اليمن تقرير مشبوه ومتناقض، ويتضمن العديد من المغالطات والادعاءات التي لا تستند لأي وقائع تثبتها، مؤكدين أن الحديث عن انتهاكات لقوات التحالف ضد المدنيين والأطفال في اليمن هو حديث مغلوط، لا أساس له من الصحة؛ لأن استراتيجية التحالف تقوم على أساس دعم الشرعية في اليمن وحماية الشعب اليمني من ممارسات مليشيات الحوثي والمخلوع صالح. وثمن الخبراء دور المملكة العربية السعودية في قيادة التحالف العربي الذي يسعى لتحرير اليمن من الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، مؤكدين أن الشعب اليمني يعلم تمامًا مَن يقف معه ومَن يقف ضده، ويدرك أن مليشيات الحوثي وأنصار المخلوع هم من يقفون خلف ما أصاب اليمن من دم وخراب ودمار، وأن ما يقوم به التحالف العربي بقيادة المملكة هو سبيلهم للخلاص من هذه المليشيات والعصابات، والطريق نحو استعادة اليمن والحفاظ على وحدة أراضيه واستقراره وأمن شعبه.
وأوضح الخبراء أن الأمم المتحدة هي من أوصلت اليمن إلى هذا الوضع، وهي من تتحمل المسؤولية عنه.
وتساءل الخبراء عن الدور الذي قامت به الأمم المتحدة لحل النزاع اليمني أو أي نزاع في المنطقة، مشيرين إلى أنها اعتادت أن تقف موقف المتفرج من جميع الأحداث في المنطقة، كما اعتادت أن تغض الطرف عن انتهاكات إسرائيل في فلسطين وممارسات القتل والاعتقال للأطفال والنساء والشيوخ، وكذلك انتهاكات إيران وأنصارها في العراق وسوريا واليمن، إضافة إلى انتهاكات الدول الكبرى مثلما فعلته روسيا في سوريا أو أمريكا في العراق وأفغانستان. وحتى في الشأن اليمني لم تفعل الأمم المتحدة أي شيء تجاه عدم التزام الحوثيين وأنصار المخلوع بأي معاهدات أو اتفاقيات كانت ترعاها الأمم المتحدة أو أي أطراف دولية.
البداية من اللواء فؤاد علام وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق بمصر، الذي أكد أن ما فعله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون من اتهام ظالم للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن بوضعه على قائمة سوداء يأتي في إطار حرب الجيل الرابع الذي تمارسه بعض المنظمات الدولية للضغط على العالم العربي، لافتًا إلى أن كل الحروب التي خاضتها تحالفات دولية ضد الإرهاب فشلت فشلاً ذريعًا، ما عدا التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية، والذي حقق نجاحًا غير مسبوق، واستطاعت ضربات التحالف بالفعل قهر الإرهاب واستعادة الشرعية في معظم المحافظات اليمنية؛ وربما لذلك يحاول الغرب - ممثلاً في بعض الجهات - إحباط العرب للتقليل من شأن انتصارهم العظيم ضد الإرهاب.
وشن علام - وهو خبير في شؤون الإرهاب - هجومًا حادًّا على الأمين العام للأمم المتحدة، واتهمه بالازدواجية في المعايير، متسائلاً عن موقف الأمم المتحدة من المجازر البشعة التي ارتكبتها أمريكا في أفغانستان والعراق، وكذلك حليفتها إسرائيل ومذابحها الإجرامية في حق الشعب الفلسطيني. وقال إن الأمم المتحدة ظهرت من خلال تقريرها المشبوه وكأنها تكافئ التحالف العربي على انتصاره على الإرهاب وإعادة الشرعية والاستقرار في اليمن. ووصف علام هذا التقرير بالحقود؛ لأنه تناسى ما حققه التحالف بقيادة السعودية من نتائج مبهرة ضد الإرهاب، وحاول الربط بينها وبين مليشيات إجرامية، تعيث فسادًا في أرض اليمن.
وأوضح علام أن اعتماد العرب في حربهم ضد الإرهاب في اليمن على أنفسهم دون اللجوء لقوى غربية، وتحقيق نجاحات ملموسة ومقدرة، أصاب المنظمات الدولية بالحول، وكأنها تستكثر علينا أن نحقق انتصارًا في الحرب على الإرهاب بمفردنا. وطالب علام الزعماء العرب بالمضي قدمًا لتطهير الوطن العربي من كل بؤر الإرهاب دون الاعتماد على القوى الدولية، ودون الالتفات أيضًا للتقارير المشبوهة التي تريد تشويه جهودنا في الحرب على تلك الآفة التي يقف وراءها ويغذيها ويمدها بالأموال والسلاح قوى أجنبية أيضًا.
وأكد الدكتور جهاد عودة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان، أن الأمم المتحدة أدرجت التحالف العربي في اليمن على القائمة السوداء بمزاعم باطلة. وأوضح «عودة» أن إدراج التحالف العربي على القائمة السوداء من قِبل الأمم المتحدة يعكس الازدواجية في القرارات، مشيرًا إلى أن التحالف الغربي قام بانتهاكات كبيرة بحق المدنيين في سوريا، ولا يمكن أن يتم إدراجه على القائمة السوداء؛ ما يعكس عدم الموضوعية في الأمر.
وأوضح عودة أن مقتل المدنيين، وبخاصة الأطفال، ناتج في غالبية الحالات من عمليات القصف العشوائي لمواقع داخل المدن المأهولة من قِبل مليشيات الحوثي، مؤكدًا أنه منذ بداية المواجهة العسكرية في اليمن حذرت قوات التحالف بشكل متكرر من ممارسات قوات التمرد في اليمن التي تقوم بعمليات القصف العشوائي الصاروخي والمدفعي على مواقع مأهولة داخل المدن لأسباب تقنية، تعود لعدم دقة أسلحتها أو لوجود نوايا متعمدة. وأوضح عودة أن استهداف السكان المدنيين والمنشآت المدنية يعد جزءًا من استراتيجية قوات التمرد، التي استغلت عدم وجود رقابة دولية محايدة قادرة على تحديد الطرف المسؤول عن جريمة استهداف المدنيين، وتقوم وسائل إعلامها فورًا بتحويل اللوم إلى قوات التحالف العربي.
فيما أكد الدكتور أسامة الدليل الكاتب والمحلل السياسي أن سبب إدراج الأمم المتحدة التحالف العربي على القائمة السوداء هو عدم تفعيل «القوانين الدولية»، مشيرًا إلى أن عدم تحرك الدول الأخرى ضد جرائم إسرائيل بحق الفلسطينيين المدنيين جعل المنظمة الأممية تكيل بمكيالين، وتتعامل بازدواجية. وأوضح أن القانون الدولي الذي يجرم قتل المدنيين فاقد للفعالية؛ ما يجعل الأمم المتحدة تتعامل بازدواجية، فضلاً عن تجاهل مجلس الأمن الانتهاكات الإسرائيلية، وكذلك الانتهاكات الأمريكية بالدول الأخرى، وتطبق القوانين على الدول العربية فقط. وتابع بأن قوات التحالف نظامية، تتمتع بالانضباط العالي، وتتبع قواعد التخطيط المسبق، وعمليات القصف الجوي وتحديد الأهداف تخضع لأعلى المعايير والضوابط المطبقة في الدول المتقدمة؛ من أجل تجنب إيقاع الخسائر ضمن السكان المدنيين. وسياسة تجنب إيقاع الضرر بالسكان المدنيين هي تلبية لتوجيهات صارمة من القيادات السياسية للدول المشاركة في الحملة الجوية للتحالف العربي. ولفت إلى وجود إجراءات استخباراتية وميدانية معقدة، يتم اتباعها قبل القيام بأي ضربة جوية، جميعها تهدف لحماية المدنيين وعدم الإضرار بهم. وبسبب هذه السياسة الصارمة يتم بشكل يومي إلغاء ضربات جوية على مواقع حيوية وذات قيمة عسكرية كبيرة؛ وذلك لاحتمال وقوعها قرب تجمعات سكنية، واستخدام أنواع خاصة من الذخيرة التي لا تحدث أضرارًا خارج حدود الموقع العسكري المستهدف على رغم الكلفة المالية العالية لهذا النوع من الذخيرة.
من جانبه، قال اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع المصري الأسبق، إن عاصفة الحزم تصدت لسيطرة الحوثيين على اليمن، ولقنتهم درسًا قاسيًا. وذكر أن التحالف العربي يقاتل لحماية أبناء الشعب اليمني من سلوك مليشيات مسلحة وعصابة غير شرعية، قامت بالاستيلاء على السلطة عبر استخدام القوة والإرهاب. والعملية العسكرية للحفاظ على الشرعية في اليمن تتمتع بدعم المجتمع الدولي على المستوى القانوني والسياسي، مؤكدًا أنه لا توجد مصلحة لقوات التحالف العربي في الإضرار بالمدنيين الأبرياء من شعب اليمن من الذين جاء التحالف لإنقاذهم وتحريرهم من سيطرة عصابات مسلحة. وأكد فؤاد أن حل الأزمة اليمنية سياسي في المقام الأول، وليس عسكريًّا. وأضاف بأنه بعد عام من عاصفة الحزم تم الاعتراف بضرورة الحل السياسي؛ فعاصفة الحزم نجحت في تحقيق أهدافها وإيقاف المد الحوثي، إلى جانب الاتفاق على تأمين الحدود السعودية مع اليمن وإعلان الحوثيين عدم تعرضهم للسعودية مرة أخرى. وأضاف بأنه من المهم أن يجتمع الفرقاء اليمنيون لوضع خارطة لحل الأزمة اليمنية وإنهاء الحرب هناك، خاصة أن الحوثيين لديهم قوى خارجية تساندهم وتدعمهم؛ وهذا ما أعطى أمدًا أطول للحرب. فيما أكد اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن الهدف من عاصفة الحزم هو تقليص إمكانيات الحوثيين والسيطرة على الوضع وفق مطلب الحكومة الشرعية، وهو ما تم بالفعل. وقال إن الحرب في اليمن كانت حربًا غير متماثلة؛ إذ كانت بين جيوش نظامية وجماعات إرهابية متفرقة؛ وهو ما أطال أمد الأزمة. وهذا النوع يستمر فترات طويلة، وانتهاؤه يتم بالتدريج. وبيّن أن تعليمات القيادات العليا للتحالف العربي تضع حماية المدنيين في اليمن على رأس أولوياتها، لكنها لا تعد مسؤولة عن سلوك عصابات التمرد التي تحاول عمدًا الإضرار بالسكان المدنيين لدوافع خاصة بها. وأوضح أنه خلال عام نجحت عاصفة الحزم في تقليص إمكانات الحوثيين وإضعاف قدرتهم ونزع أيديهم من بعض المدن، وتمكين الحكومة الشرعية منها. وهناك بادرة أمل خاصة مع السيطرة على الحدود البحرية ومنع وصول الإمداد العسكري إلى هذه الجماعات، وهذا يصب في توجيه الدفة إلى الحل السلمي.
وفي السياق ذاته، أكد اللواء نصر سالم، رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالمخابرات الحربية، أن التحالف العربي سطر منذ بداية الصراع سجلاً مشرفًا في تبني سياسة واضحة في اليمن بالحفاظ على أرواح المدنيين، وعمل على تقديم المساعدات الإنسانية والمواد الضرورية للسكان المدنيين، بخاصة الغذاء والدواء. وأضاف بأن التحالف واجه مواقف رافضة ومعرقلة من قِبل التمرد الحوثي وأعوانه لجهود إغاثة السكان المدنيين، وعملها الدؤوب على إعاقة وتعطيل هذا الجهد الإنساني، عبر منع وصول المساعدات أو الاستيلاء عليها وسرقتها من أجل النفع المادي. وأكد أن عملية عاصفة الحزم بقيادة السعودية هدفت منذ البداية لمساندة الحكومة الشرعية، وحققت أهدافها، وفرضت سيطرة الحكومة الشرعية على 90 % من اليمن. وقال سالم إن الوضع في اليمن ممتاز، خاصة بعد التصريح بأن الحكومة الشرعية تسيطر على أكثر من 90 % من الأراضي اليمنية؛ ما يعني أنها أخضعت الحوثيين وعلي عبدالله صالح للحل السلمي. وأضاف بأن عاصفة الحزم حققت هدفها، ونتمنى أن يعود اليمن إلى سابق عهده، ويتم ضمه إلى مجلس دول التعاون الخليجي، خاصة أن فيه حماية ومصلحة للمجلس نفسه؛ لما تمتلك اليمن من قدرات عالية تحتاج إلى توظيفها بالصورة الصحيحة، وحينها لن تستطيع إيران التأثير على اليمن أو أن تنفذ منه إلى باقي دول المنطقة. وفيما يخص المدة الزمنية لتطبيق الحل السلمي في اليمن أكد الخبير العسكري أن الأمر متوقف على اتفاق الأطراف، والمهم أن يكون لديهم قناعة على الاتفاق، وإذا تم ذلك فإنه من الممكن تغيير شكل اليمن خلال عام واحد من الآن. والأهم أن يتم ضم اليمن لمجلس التعاون الخليجي.
فيما قال مسؤول شؤون المغتربين بمصر وشمال إفريقيا إبراهيم الجهمي إن الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح هم المسؤولون عن الانتهاكات التي تحدث في اليمن والخسائر التي تقع في صفوف المدنيين.. وما قامت به مليشيات أنصار الله الحوثي في سوق الباب الكبير الشعبي بتعز جرائم ضد الإنسانية لا تغتفر ولا تبرر.
وأضاف الجهمي بأنه قُتل مئات الضحايا من المواطنين العزل، ومات الأطفال والأبرياء، وسقطت النساء نتيجة قذائف المليشيات والمعسكرات التي تحاصر تعز، وتمنع دخول الماء والغذاء والدواء. وتابع بأنه هكذا يستقبل أهالي تعز رمضان في بلد الإيمان والحكمة من قِبل مجرمين لا يخافون الله. معبرًا عن بالغ أسفه على ما يحدث من المليشيات تجاه الأبرياء.