د.أحمد بن عثمان التويجري
رحم الله معالي الأخ العزيز الدكتور سليمان السليم رحمة واسعة وتغمده برحمته وعفوه وكرمه عرفته في مطلع السبعينيات الميلادية عندما كان أستاذاً في جامعة الرياض وكنت طالباً فيها، كان من جيل الكبار الأوائل من أمثال الدكتور محسون جلال والدكتور غازي القصيبي والدكتور محمد الملحم والدكتور يوسف نعمة الله والدكتور أسامة عبدالرحمن رحمهم الله جميعاً، ثم توطدت علاقتي به رحمه بعد أن عدت من الدراسة في الخارج للعمل في جامعة الملك سعود في مطلع الثمانينات الميلادية.
كان وطنياً نزيهاً من أصحاب الرأي والعقول الراجحة، لم يعهد عنه إلا الصدق والأمانة في القول والعمل. كان من أوائل السعوديين الذين حرصوا على إرساء منهجيةٍ علمية لتحليلِ السياسات الدولية، وكان متابعاً دقيقاً لما ينشر في الإعلام العالمي، وما زلت أذكر برنامجه التلفزيوني السياسي الذي كان سابقاً لزمانه.
كان من الكارهين للفساد بكل صوره، ورغم توليه عدة وظائف مهمة في الدولة إلا أنه كان زاهداً في المناصب، غير حريص على دنيا الأضواء، مفضلاً العمل بصمت. لم يتردد في إبداء عدم قدرته على مواصلة عمله في وزارة المالية عندما عين فيها عام 1416هـ، فكان بذلك أول وزير سعودي يستقيل من منصبه وتقبل استقالته خلال شهر من توليه المنصب.
كان وزيراً صالحاً بكل ما تعنيه الكلمة، سواء أكان ذلك في إخلاصه أم نزاهته وطهارة يده أم كفاءته وجديته في العمل، وكان أنيقاً في كل شيء، في مظهره وحديثه وتصرفاته، بل وحتى في صمته، وكان قارئاً نهماً ومتابعاً حريصاً للشؤون المحلية والدولية، حتى بعد تقاعده رحمه الله.
كان حازماً في إدارته شجاعاً في الحق، وكنت شاهداً مباشراً على واحدة من تجليات حزمه وشجاعته التي سيحفظها له التاريخ، ولعلي أكتب عنها بتفصيل في مقبل الأيام بإذن الله.
رحمك الله يا أبا باسل، وأعلى منازلك في الجنان، وجعلك ممن يُبَدِّل سيئاتهم حسنات، وأحسن الله عزاء رفيقة دربك وشريكة إنجازاتك ومستودع أفراحك وأتراحك الإنسانة الكبيرة الزميلة العزيزة الأستاذة الدكتورة نورة بنت صالح الشملان أستاذة الأدب العربي القديم ونقده في كلية الآداب بجامعة الملك سعود، وأحسن عزاء أسرتك الكريمة، وجبر مصابنا ومصاب الوطن فيك وإنا لله وإنا إليه راجعون.