رقية سليمان الهويريني
يمسك المسلمون عن محظورات الصيام من طلوع الفجر وحتى مغيب الشمس، هذه حقيقة لاريب فيها، ولا أشك أن مسلماً لا يصوم رمضان مهما كان تهاونه في بقية الأركان الأخرى! فهذا الشهر ينطوي على روحانية عجيبة ومشاركة عامة.
وكثيراً ما يستوقفني وضع رمضان في بلدي، وأتساءل عما إذا كان الهدف الحقيقي للصيام في مجتمعنا بالذات قد تحقق؟ برغم تأكده شرعاً، وهو الإمساك طيلة النهار عن متطلبات الجسد نهائياً. ويتولد من السؤال الأول سؤال آخر: طالما أغلب الناس ينامون بعد صلاة الفجر وحتى قرب مغيب الشمس وقد يستيقظون لأداء الصلوات المفروضة فقط، وكثير منهم يتكاسلون عن أداء عملهم الرسمي برغم تقليص أوقات الدوام، ثم يسهرون طوال الليل ويتناولون ما لذ وطاب من الطعام والشراب دون انقطاع، فهل تحقق الصيام المطلوب تماماً؟ وأقصد بالصيام الحقيقي توقُف المرء عن الأكل والشرب في النهار مع أداء الأعمال المنوطة به، واستشعار الامتناع عن تناول الوجبات المعتادة، والنوم ليلاً وإراحة المعدة خلاله.
هذه التساؤلات تلح عليّ دوماً، ويشغلني التمادي في السهر حتى ساعات الصباح الأولى لدرجة أن تحولت لعادة وارتبطت بالشهر الكريم وبفترة الإجازات المدرسية التي تمتد لأربعة أشهر، وهو أمر خطير على الصحة النفسية والجسدية ويخالف الطبيعة التي شرعها الله لخلقه حين جعل الله الليل سباتا والنهار معاشاً.
والمؤسف أن هذه العادة حديثة ولم تكن سمة في المجتمع السعودي، فشهر رمضان سابقاً يتميز بالعمل والنشاط والحيوية مثله مثل بقية الشهور، فالصيام يعتبر راحة للنفس والجسد، والتقليل من الأكل يساهم بزيادة النشاط والفعالية، بينما يتسبب السهر في ضعف الإنتاجية العملية بنسبة60% كما جاء في تقرير صدر مؤخراً، عدا عن تسببه بغياب الموظفين عن أعمالهم وتعطل مصالح الناس نتيجة للإجهاد والشعور بالخمول والكسل، وما يؤثر على الناس حالياً هو السهر وليس قلة الأكل، فراحة ذهن الإنسان وجسده تتحقق بالنوم مساءً، ليستطيع العمل فترة النهار.
لذا فإنه حريٌّ بنظام العمل والخدمة المدنية إعادة النظر في بداية دوام الموظفين في رمضان ليكون من السابعة صباحاً وحتى صلاة الظهر، ويمكن بعدها أخذ قسط من الراحة والقيلولة قبل صلاة العصر، وممارسة الحياة الطبيعة، والنوم باكراً ليتحقق الهدف من الصيام.