«الجزيرة» - محمد المرزوقي:
تحت رعاية وزير الثقافة والإعلام، الدكتور عادل بن زيد الطريفي، أطلق نادي الرياض الأدبي مساء أمس الأول فعاليات (معرض الكتاب الخيري العاشر) بالتعاون مع «جمعية التوحد» بمقر النادي، الذي يستمر حتى الثامن عشر من شهر رمضان المبارك. ويصحب المعرض فعاليات منبرية أدبية وثقافية عدة، وأخرى إبداعية شبابية، إلى جانب دورة تدريبية، وورشة عمل إبداعية، وأخرى للتصوير الضوئي، وركن لموهوبي التوحد، وركن لتشكيلهم، إضافة إلى ندوة عن الذاكرة الرمضانية، وأخرى عن الدراما في رمضان. وشهد حفل الافتتاح ندوة تكريم الشاعر عبدالله الزيد، قدمها الدكتور سامي العجلان، وأدارها الدكتور عبدالمحسن الحقيل؛ وذلك لاختيار الزيد (الشخصية المكرمة) في هذه الدورة من المعرض.
وفي كلمة لرئيس مجلس إدارة النادي الدكتور عبدالله الحيدري ثمَّن لوزير الثقافة والإعلام موافقته على أن يكون المعرض وفعالياته المصاحبة برعايته، قائلاً: أتقدم بالشكر لجميع الجهات التي استجابت لدعوة النادي، وفي مقدمتها: وزارة الثقافة والإعلام، ممثلة في وكالة الوزارة للشؤون الثقافية، وعدد من الأندية الأدبية، ودارة الملك عبدالعزيز، ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، وكرسي الأدب السعودي بجامعة الملك سعود، وكرسي الدكتور عبدالعزيز المانع، ومركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي لخدمة اللغة العربية، ودار الثلوثية للنشر بالرياض، وبعض الأفراد من المؤلفين والمؤلفات.
وأضاف الحيدري: إن المعرض هذا العام سيستمر في التحول لمهرجان ثقافي خيري؛ إذ سيصاحب المعرض عدد من الفعاليات المتنوعة، وسيخصص ركن للموهوبين من المنتسبين للجمعية السعودية للتوحد، وستعرض ما أبدعته أيديهم في الركن، إلى جانب إقامة معرض تشكيلي مصغر لعدد من الفنانين الموهوبين من متدربي الجمعية السعودية للتوحد. مشيرًا إلى أن المعرض - أيضًا - سيشهد تنفيذ عدد من الورش والدورات التدريبية، التي ستضم: دورة في (التصوير الفوتوغرافي)، يقدمها يونس السليمان، وورشة في (صناعة الفيلم الوثائقي)، يقدمها فيصل العتيبي، ودورة عن (أساسيات الكتابة والتحرير)، يقدمها الدكتور حسن الفيفي، وورشة موجهة للطلاب بعنوان: كيف تختار تخصصك الجامعي؟ يقدمها خالد الشمري.
وقال الحيدري: يصاحب المعرض فعاليات أخرى، هي: التوقيع على كتاب (ابن باز ووحدة الكلمة) لمؤلفه عبدالعزيز البراك، وندوة بعنوان «رمضان في الذاكرة»، يشارك فيها الدكتور ناصر بن سعد الرشيد، والدكتور محمد بن عبدالرحمن الربيع، والأستاذ محمد بن عبدالله الوعيل، ويديرها محمد العميري، فيما تقام أمسية بعنوان «من شعراء المحافظات» يشارك فيها: فهد العبودي من الخرج، ومحمد الشويعر من المجمعة، وعبدالله الماجد من ثادق، ويديرها رئيس اللجنة الثقافية بمحافظة الخرج الدكتور حمدان الحارثي، إضافة إلى (أمسية شبابية مفتوحة) تقام يوم الغد، وأمسية للفنان خالد سامي حول الدراما في رمضان تقام في السابع عشر من رمضان.
ثم ألقى حازم عبدالعزيز البراك كلمة إنابة عن والده، استعرض خلالها عرضًا موجزًا عن كتاب والده (ابن باز ووحدة الكلمة) مشيرًا خلال كلمته إلى ما عرض له الكتاب عما قدمه ابن باز - رحمه الله - في التصدي للمناهج المضللة، ودوره في بيان المنهاج الصحيح حرصًا منه على وحدة الكلمة، ووحدة الصف، إلى جانب ما كان يتسم به خلال مسيرة حياته من الرد على الشبهات والفتن، وتبيان المنهج الصحيح فيما كان يثيره أصحاب مناهج مضللة، متخذًا من الحكمة أولى عدته في وحدة الكلمة.
وفي كلمة ارتجلها الأمين العام للجمعية السعودية للتوحد الدكتور طلعت بن حمزة الوزنة شكر نادي الرياض الأدبي لإسهامه من خلال المعرض للتعريف بالجمعية، وبأهدافها، مؤكدًا أهمية توسيع قاعدة الشراكة المجتمعية لتحقيق أكبر فائدة ممكنة من البرامج والمشروعات الاجتماعية، ومشيرًا إلى أنه من خلال المعرض الخيري سيتاح للجمعية التعريف بنشاطها ونطاق خدماتها لفئة ذوي التوحد. كما سيتعرف رواد هذا المعرض على حجم الجهد الذي تبذله الجمعية في إيجاد قاعدة معرفية ومرجعية علمية لاضطراب التوحد.
ومضى الوزنة قائلاً: لا شك أن هذا النوع من الشراكة يدل على حجم الوعي الذي وصل إليه مجتمعنا السعودي بفضل الله تعالى، وكيفية أن الثقافة تسهم بطريقة أو بأخرى في التعريف بقضايا المجتمع، وكيف أن المؤسسات الثقافية تستطيع أن توجد الكثير من القنوات التي تخدم بها الشأن العام، خاصة ذوي الإعاقات. ومن هنا فإن الجمعية السعودية للتوحد - وعلى رأسها صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز (رئيس مجلس إدارة الجمعية) وأعضاء مجلس الإدارة - تثمن للنادي الأدبي بالرياض هذه اللفتة الإنسانية.
وقال الوزنة: لا يزال لدينا مشكلة وقصور للإفادة من خدمات الجمعية، خاصة في مجال الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني؛ إذ لا بد لنا من الابتعاد عن البرامج النمطية، وأن نأتي بحالات حية، وأن نقدم النماذج الفاعلة، التي لها مساهماتها في مشاريع مستدامة ذات صبغة عملية، لا مجرد مناشط منبرية مل الناس سماعها؛ إذ لا بد في هذا المجال من استثمار شراكات عملية مع مؤسسات المجتمع المدني، خاصة في المجال الخيري. مختتمًا كلمته بما تجده الجمعية خلال فترة سبع عشرة سنة من شح المعلومات الصحيحة على مستويات عدة، بدءًا بالمفهوم، ثم التشخيص، وانتهاء بالرصد الصحيح لحالات التوحد في مختلف المناطق.
وفي ندوة (الشخصية المكرمة) استهلها المحتفى به عبدالله الزيد بجملة متناغمة من النصوص الشعرية التي جاء منها: ترتيلات نجدية في تضاعيف الخليج، قضي الكشف: التجلي لسيد الأزمنة، على مرمى مجانية من التشضي، لن توافيك الحكمة أيها المأزوم، هذه الضواية.. ثم ماذا بعدها؟ وقصيدة بعنوان: حوارية الفيلسوف والشعر في سوق عكاظ. وعلق الزيد على مداخلة للدكتور صالح معيض الغامدي عن احتواء (بوابة الذات) لموضوعات نصوص الزيد قائلاً: لأني لا أستمطر تجارب الآخرين فلا أكتب إلا ما يكتبني بصدق، ولا أذهب للبحث عن فكرة، وإنما قصائدي انفجارات ذاتية من أعماقي، ومع هذا ربما رآها غيري عقدة أو عيبًا.
وفي مداخلة للدكتور عبدالمحسن الحقيل تساءل عن وضوح قصائد الزيد العمودية في مقابل غموض التفعيلية، منها ما قال الزيد: القالب وسيلة واحدة، لا صلة له فيما أكتب، إلا أن شعرية الموضوع قد توهم القارئ أو الناقد بشيء مختلف في نص دون آخر، إلا أن ما يهمني هو أن أكتب نصًّا حقيقيًّا؛ فهناك فرق بين شاعر لا يكلف نفسه وشاعر فيلسوف، وإن كنت لست بشاعر فيلسوف، إلا أنني شاعر عشق الفلسفة.
ثم قدم الدكتور سامي العجلان ورقة نقدية عن «شعرية الزيد»، قسمها إلى محورين رئيسيين، الأول: شعر الزيد من (الناحية العامة) اللغوية. أما الآخر فجعله العجلان عن (الظواهر الأسلوبية) التي استعرضها من خلال بعدين، أولهما: اللغة المغرقة بالذي لا يكون، والآخر عن (النفي المغترب: النفي المنكسر الحزين)، موضحًا خلال ورقته أن لغة الزيد الشعرية تتميز بالاحتفاء الباذخ باللغة: مفردة، تركيبًا إيقاعًا؛ ما جعل له معجمه الشعري الخاص الذي يميز الزيد عن غيره، إلى جانب الدلالات اللغوية الخاصة، التي يوظفها الزيد بطريقة ذات دلالة ظاهرية وأخرى خاصة به، يخاتل فيها اللغة.