توفر في شخص النبي صلى الله عليه وسلم جميع صفات النبل والشرف ولم يوجد تحت أديم السماء من يفوقه فيها. وقد أثنى الله سبحانه عليه بصفة جامعة لخصال الخير حيث قال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} وأخبرت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في معرض بيانها لخلقه صلى الله عليه وسلم بقولها: (كان خلقه القرآن) ومفاد هذا الكلام أن امتثال القرآن الكريم أمراً ونهياً كان سجية له صلى الله عليه وسلم وخلقاً تطبعه.
وغني عن القول بأن الأخلاق تشمل علاقة العبد بربه -أولاً- المتمثلة في العبادات من تحقيق التوحيد والصلاة والصوم والزكاة والحج وغيرها من العبادات المحضة، كما تشمل - ثانياً- علاقة العبد بخلق الله تعالى من بذل للندى وكف الأذى والصبر على الأذى وحسن التعامل في الغضب والرضا، ورحمة وحلم وكل خلق كريم.
ولذا لخص النبي صلى الله عليه وسلم أبرز مقاصد دعوته في قوله: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وفي رواية: (صالح الأخلاق)، ففي ذلك دخول الدين كله تحت مكارم الأخلاق -كما سبق-إذ لا يخرج شيء عن علاقة الإنسان بربه عز وجل، وعلاقته بخلق الله سبحانه. وفيه اتصافه عليه الصلاة والسلام بمكارم الأخلاق التي بعث لإتمامها، وفيه توجيهنا للاتصاف بهذه المكارم تأسياً واقتداء به صلى الله عليه وسلم. فما أحوج الناس اليوم إلى أخلاق النبوة في ظل طغيان التنافس على الدنيا وصوارفها وشواغلها وملهياتها على حياة أكثر الناس.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود