الجزيرة - أحمد المغلوث:
من الأيام التراثية المميزة في الأحساء يوم (القرش)، وهذا اليوم وما يتضمنه من فعاليات بسيطة ومحببة عند أهالي الأحساء. المدن والقرى وعلى الأخص في الماضي حيث كان التمسك بالعادات والتقاليد التراثية أكثر من اليوم. في وجود مجالات عديدة تشغل الجميع إلا أن هناك من يحافظ على الاحتفاء بهذا اليوم (القرش) حيث عادة ما تعد سيدة البيت وجبة دسمة لوداع شهر شعبان. وتختلف الوجبة الوداعية القرشية حسب إمكانات وظروف هذه الأسرة وتلك. وكلما كانت الأسرة كبيرة. كلما شارك أفرادها من النساء في هذه الاحتفالية المميزة والتي تتسم بالألفة والمشاركة، فعادة ما تقوم كل سيدة تنتمي للأسرة بتقديم طبق مميز يكون عادة من إعدادها ليتشارك الجميع في وجبة الغداء الدسمة والمتنوعة بأطايب الطعام. لتكون الوجبة لوحة بانورامية غذائية تتنوع وتتعدد أشكال الأطباق وما تحتويه من مأكولات شعبية اشتهرت بها الأحساء منذ القدم.. فهذا طبق هريس وذاك مرقوق.. وإلى جواره.. صيادية.. وكبسة... إلخ عشرات الأطباق.
وكان في الماضي تجتمع الأسرة في بستان العائلة (النخل) وما زال ذلك إلى اليوم إلا للذين ليس لديهم بستان مناسب.. فهم عادة ما يستأجرون (استراحة) لهذه المناسبة فمع الأيام تضاعف أعداد الأسرة الواحدة.. وتعدد الأبناء وتضاعف الأحفاد.. وهكذا بات يوم «القرش» أو القريش كما يطيب للبعض تسميته عادة يحرص عليها أهالي الأحساء من باب الوفاء للماضي الجميل.. وتمسكاً بعادة محمودة تعتمد على تقوية العلاقات الأسرية فيما بين أفرادها وحتى يتعرف الأبناء الصغار والأحفاد على جوانب من عادات الآباء والأجداد.. ومع ازدهار الحياة وتطورها في مختلف المجالات بالأحساء كما هو الحال في مختلف مناطق ومحافظات المملكة بات البعض من الميسورين يقيمون في يوم القرش «بوفيه» مفتوحاً يعده لهم أحد الفنادق الشهيرة أو المطابخ المعروفة بتنفيذها هذه البوفيهات التي تقدم ما لذ وطاب من الطعام والشراب وعلى الأخص الأطعمة التي تطلبها الأسرة.. وعادة ما تستمر عملية الاحتفاء بيوم القرش طوال آخر يوم في هذا الشهر (شعبان) إلى ليلة رمضان.
وتجدر الإشارة إلى أن يوم القرش أو وداعية شعبان عادة منتشرة في مختلف مدن الشرقية وحتى الدول الخليجية. كون هذه العادة المحببة تساهم في تقوية العلاقات بين الأسر والمعارف وحتى الجيران تعزيزاً للعلاقات ومشاركة الجميع في العودة للماضي الأصيل بعاداته التي تؤكد على صلة الرحم.. التي أكد عليها ديننا الحنيف.. وما أجمل أن يلتقي أفراد الأسرة بين فترة وأخرى في مناسبات خير وحب..؟!