الأربعاء 25 / شعبان / 1437هـ الساعة الثالثة ظهراً في بيت والدنا الحبيب من هنا أبدأ...
فقد هالني ما رأيت من أمي وخالاتي من صبر واحتساب!! مع أن ملامح الحزن واضحة، وقسمات الأسى بادية! لم أسمع إلا استرجاعا وحمدا.. اللهم لك الحمد من قبل ومن بعد..
طلب منا الرجال الاستعداد للذهاب إلى الجامع للصلاة على والدنا الغالي.
رأيت خالاتي بأجساد متعبة ونفوس أثقلتها مصيبة الموت!! قمن يتوضأن وبأصوات متحشرجة يسترجعن (إنا لله وإنا إليه راجعون) فالمتوفى والدهن الحبيب!!
ركبنا السيارات، متجهين للمسجد وكان المشهد مهيباً!!
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه يرضي ربنا..
دخلنا وكل واحدة أخذت لها مكاناً منفرداً، وصلت تحية المسجد وبهدوء عمَّ جنبات المكان.. قطعه صوت إحدى خالاتي تطلب من الجميع الاصطفاف والتقدم في الصف الأول وعدم التفرقة، فقمنا جميعاً بجانب بعضنا.
رفع المؤذن الأذان لصلاة العصر (الله أكبر الله أكبر)..
قُضِيَت الصلاة، ولحظات الانتظار تطول وتقصر... لاح فيها الوجه الطاهر وعصفت الذكريات (لا إله إلا الله وحده)
الصلاة على رجل وطفل.. نادى المؤذن..
(الله المستعان) خفقان أفئدة، واضطراب مشاعر..
سمعت من كانت بجانبي تكثر التعوذ من الشيطان الرجيم فيبدو أن له محاولاتٍ في إحزان القلوب وإفساد الأجر! أعوذ بالله من الشيطان الرجيم!
كبّر الإمام وكبرنا وصلينا على حبيبنا المصطفى ودعت القلوب قبل الألسن وسلمنا (إنا لله وإنا إليه راجعون).
(لا أحد يخرب أجره، اصبروا واحتسبوا، اصبروا واحتسبوا، والحمد لله حمداً يرضي ربنا).
صوت مألوف بقدر ما بدا شجياً! التفتُّ يساراً فإذا بها إحدى العظيمات من خالاتي!
هو الرضا وهو الإيمان هو التسليم لله بحُكمه وقضائه تجلى أمامي محسوساً مشاهداً..
لله دركن يا عظيمات يا كبيرات.. نِعْمَ الخلف لنِعْمَ السلف.
نظر الله لصنيعكن فهنيئاً لكُنَّ ما وعد به الله عباده الصابرين.
((وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ))
وما أنتن فيه من سكينة وطمأنينة هي فضل من الله.
عزائي أن وداعنا وداعُ دنيا يعقبه لقاءٌ في جنات الخلد إن شاء الله.
وحقه علينا الدعاء.
اللهم إني أسألك أن تنزل والدنا عبدالله محمد الحميضي منازل الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة. اللهم افسح له في قبره مد بصره، وافرش قبره من فراش الجنة.
آمين.
وصلِّ اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
- شعاع إبراهيم الخليفة