يقول صاحب كتاب (التوتر قرار) في مقدمة كتابه:
«منذ عدة أعوام, وبينما كنت أستمع لدرس ديني عن كيفية كون الحياة مكونة من مجموعة من الخيارات, أدركت أنني من أختار حياتي العملية والأسرية المحمومتين وبالتالي فإن حياة التوتر كانت من اختياري».
نكاد أن نجمع على أن حياتنا مصبوغة بالتوتر الدائم الذي سلب منا البهجة حتى وإن كان الأمر مبهجًا, فإذا دعينا توترنا: ماذا نلبس؟ هل نذهب بأيدٍ فارغة أم نُحضر معنا شيئًا؟ هل هذا الشيء يجب أن يكون من صنع أيدينا أم نشتريه؟ هل لا بد أن نلبي الدعوة؟ وهل علينا دعوتهم بالمقابل؟ إذا ذهبنا سنجد فلانًا الذي لا نطيقه, وسيفسد علينا يومنا, بل قد يصل الأمر إلى عمل سيناريو استباقي للحديث المحتمل وكيف يرد عليه.
حتى الجيل المبتلى بآخر ما نزل من تقنيات, ورغبته الجامحة في مليون حفلة تخرج؛ لأنه انتقل من مرحلة إلى مرحلة, وجرأته في فرض نوعية الهدايا، هذا غير الكثير من الأمراض العصبية قرينة الوجود الدائم في مواقع التواصل, ولأنهم لا يختارون الأصدقاء هناك صار الاختلاف أكبر من التوافق؛ فيظلون في توتر دائم وعراك مستمر.
هذا الانشغال بهوامش الأمور مع التقصير في علاقتنا مع الله - عز وجل - يجعل الحياة خانقة مستفزة.
كلنا مختطفون في زمن الأحلام، نتمرّن على مهارات قفز الزمن, كلما خطونا خطوة قفزنا لغيرها, شاغلنا الأكبر كيف يمكننا هزيمة الجبل التالي, وإذابة الجليد الذي يليه, نجري في ماراثون طويل مع الزمن، لا نتوقف حتى لالتقاط أنفاسنا.
يذكِّرنا صاحب الكتاب عن طريق إيراد بعض المقولات الشهيرة والقصص الواقعية, وبعض الأسئلة التي تستحق أن نسألها أنفسنا بأن الحياة بسيطة، لكننا نصر على تعقيدها.
كل هذه الصور اليومية المعجونة بالقلق والتوتر وضع لها الكاتب عشرة قواعد، لخصها بشكل مبسط في كتابه سالف الذكر، وذكَّرنا بأهم الأسئلة التي علينا أن نسألها أنفسنا على نحو:
- ما الذي تفتقده في حياتك؟
- هل تقضي الكثير من الوقت في القيام بأمور غير مهمة؟
- ما المستقبل الذي حلمت أن تحققه؟
- ماذا حققت منه حتى الآن؟
- ما القرار الجريء الذي يمكنك أن تتخذه حتى تجعل من مستقبلك المأمول واقعًا؟
- كيف منعك تعلقك بماضيك من التقدم نحو مستقبلك؟
- ما الذي تحتاج إلى تركه وراء ظهرك؟
- ما التحديات التي تواجهك في الوقت الحالي؟
- هل يتوافق توجهك مع تلك التحديات؟
- من الأشخاص والأشياء التي تجتذبها لحياتك؟
- هل تجتذب أفكارك أشخاصًا فعالين؟
- كم من الوقت تقضي في الاستمتاع بالهواء الطلق يوميًّا؟
- من الذين تشعر بالامتنان لوجودهم في حياتك؟
- ما الذي حققته ولم تكن تتخيل أنك ستحققه؟
- هل تفقد الاستمتاع بما يحدث في الوقت الحالي بسبب تمنيك شخصًا ما أو شيئًا ما عبر حياتك؟
ثم يدلنا على الطريقة المثلى لتنظيم حياتنا بإيراد بعض الأقوال الإيجابية لعدد من المشاهير، أهمها:
- ليس المهم أن نرتب جدولنا طبقًا للأولويات بل أن نجدول أولوياتنا؛ لأن الأمور الجيدة لا تحدث إلا عندما نرتب أولوياتنا بشكل سليم.
- ستنجح في حياتك عندما يصبح كل ما ترغب فيه هو كل ما تحتاج إليه.
- إذا لم تحب أمرًا فغيِّره، وإذا لم تتمكن من تغييره فغيِّر طريقة تفكيرك فيه.
- قلل من تعقيد حياتك بإزالة الرغبات غير الضرورية؛ لتصبح حياتك أبسط.
- الحياة لا بد أن تفهم بالرجوع إلى الخلف, ولكنها يجب أن تعاش بالتقدم إلى الأمام.
- عندما يغلق أحد الأبواب يفتح لنا باب آخر, ولكننا ننظر طويلاً بندم إلى الباب المغلق للدرجة التي تمنعنا من رؤية الباب الذي فُتح لنا في مكان آخر.
وبسطور ملهمة يؤكد لنا حقيقة مؤكدة، تنسينا إياها محطات الحياة، هي:
إن الهدف من الحياة أن نعيش حياة هادفة؛ لأننا إذا لم نعرف أين سيرسو بنا قاربنا فلن تفيدنا اتجاهات الرياح.
كما يؤكد لنا أن التوتر ما هو إلا أحد مخلفات الحياة الحديثة التي علينا التخلص منها, ثم يختم كتابه بطلب ووصية: أن نعطي لتوترنا أجنحة، ونتركه يحلق بعيدًا عنا, وأن نتمهل، وكل ما نطارده سوف يأتي إلينا ليمسك بنا دون أن نخسر في سبيله كل هذا التوتر المسبق.
- د. زكية بنت محمد العتيبي
Zakyah11@gmail.com