المدينة المنورة - علي العبد الله:
تشهد الدراما الكويتية أسوأ حالاتها الفنية، وانحداراً (مرعباً) ومخيفاً، يؤكد أن هناك خللاً كبيراً في صناعة الدراما ببلد لطالما كان رائدا للفنون منذ عشرات السنين.
هذا الخلل بدأ بسيطاً وغير واضح للجميع منذ (بضع) سنوات، لكنه مع الأيَّام تفاقم واتسع حتى أصبح ملحوظاً للجميع، وبإمكان المُشاهد العادي أن يُميزه.
ولعل المسلسلات الكويتية التي يتم عرضها خلال هذا الشهر تُعبر عن هذا الخلل بأشكاله المختلفة، حيث نلاحظ أن هذه الدراما ابتعدت عن الواقع كثيراً، وأصبحت (تكرر) نفسها بشكل أو بآخر؛ علاوة على ذلك هناك استياء وسخطا كبيرين من أبناء المجتمع الكويتي نفسه بمختلف شرائحهم عن هذه الدراما، وسنتناول هنا أبرز الأعمال الكويتية التي تُعرض الآن في أهم الشاشات الخليجية والعربية
«ساق البامبو»
العمل الذي تم أخذه من رواية (ساق البامبو) التي حققت جائزة البوكر، والمعلوم أن أية رواية يراد أن تتحول إلى عمل درامي، فهي تحتاج إلى (غربلة) من جديد، وصياغة أكثر للسيناريو والحوار و(تغذية) للبناء الدرامي، كي تكون «الحبكة» متقنة، وهذا ما لم يفلح فيه مخرج العمل محمد القفاص، كما لم تشفع الخبرة الكبيرة والطويلة للفنانة سعاد عبد الله أن تصلح الخلل في المسلسل، لذلك ظهر بشكل ضعيف وبأفعال درامية غير متقنة، وغاب عنها عنصري التشويق والإثارة وبالتالي أصبحت المَشاهد (باهتة).
هذا العمل الذي يقوم بالأساس على فكرة شاب أمه فلبينية ووالده كويتي ويُعاني معاناة شديدة عند دخوله للكويت لُيطالب بحق المواطنة، ويظهر في البداية عدم قبول أهله وأقاربه له، وبرزت الكثير من العيوب في العمل أهمها (تكرار) ممل للمشاهد والأحداث، وعدم دفع عجلة الصراع الدرامي بطريقة موزونة (غياب) الحوار النافع بالتالي خرجت الحوارات بتكرار ممل ومزعج في أحيان كثيرة علاوة على ذلك (خطوط) العمل الدرامية الأساسية.
«بياعة النخي»
حياة الفهد اختارت هذا العام أن (تطل) علينا في مسلسل حمل عنواناً مشوقاً بعض الشيء، حيث حمل عنوان (بياعة النخي) والمقصود بالنخي هنا أي حب الحمص المسلوق وهو ما يعرف لدينا (بالبليلة)، ولكن مع الأسف كانت البداية للعمل ضعيفة جداً ولم تبدأ أحداثه بشكل متسلسل جيد، ولعل المشكلة الكبيرة التي تقع فيها حياة وسبق أن حذرناها غير مرة أنها تصر على أن تكون الكاتبة والبطلة في آن واحد، وهذا لا يستقيم في الأعمال الدرامية خصوصا أنها أثبتت فشلها في الكتابة منذ زمن، لكنها ما زالت (تفرض) نفسها كمؤلفة وهذا المأزق التي تقع فيه حياة جعلها تبتعد عن المنافسة كثيراً. وجودة الفكرة من قبل الفنان في صناعة الدراما لا يعني بالضرورة قدرته على الكتابة بشكل كامل وهذا ما لم تفهمه حياة، وعلى الرغم من وجود فكرة جيدة إلى حدٍ ما في هذا العمل التراثي، إلا أن البناء الدرامي له كان ضعيفاً جداً و(هشاً) إلى درجة كبيرة. تجسد حياة في (بياعة النخي) دور شيخة التي فقدت حبيبها لتتزوج بطريقة تقليدية، وتنجب أولاد أحدهم يُعاني إعاقة، لكنها مع الأيَّام تعود لحبيبها الأول ويُشاركها العمل مجموعة من الفنانين أبرزهم: مريم الصالح، صلاح الملا، عبد المحسن القفاص، هند البلوشي وآخرون والعمل من إنتاج باسم عبد الأمير.
«جود»
استغلت هدى حسين ذكاءها الاجتماعي واستطاعت أن تظهر بشكل إيجابي في مسلسل (جود)، ولعل هذا العمل يُعد أفضل الأعمال (السيئة) التي تم تقديمها من قبل الدراما الكويتية لهذا العام، لذا يجوز لنا أن نُطلق عليه (أفضل السيئين)، حيث ظهر بشكل أقل من المتوسط قليلاً، حيث يتناول العمل أربع شقيقات يقعن تحت وطأة أبوهن المتسلط، وتجسد فيه الفنانة هدى حسين دور (جود) الأخت الكبيرة التي تتحمل أعباء المنزل وعواقب الأخطاء التي ترتكبها أخواتها، وفي المقابل يظهر في العمل كما لا بأس به من الكوميديا السوداء التي تجعلنا نضحك على أوجاعنا ومشاكلنا.
ما يُعاب على العمل (الإغراق) في الحزن والميلودراما التي جعلت بعض الأحداث والمشَاهد تظهر بطريقة (كئيبة).
العمل من إخراج منير الزعبي وكتابة علي الدوحان ويشارك فيه: عبد المحسن النمر، هبه الدري، يعقوب عبد الله، هند البلوشي، طيف، أمل عباس، وفوز الشطي وآخرون.