الإسلام دين الأمانة، وهي بمفهومها العام تعني الحقوق المتعلّقة بالذمم، ولا فرق أن تكون من حقوق الله تعالى أو حقوق عباده سواء كانت فعلية أم قولية أم اعتقادية، فهي تشمل الأمانة على الأقوال والأعراض والأنفس والأسرار والتكاليف الشرعية ونحو ذلك، وضدها الخيانة.
فالأمانة إذا لها مفهوم واسع لا كما يفهمه كثير من الناس من اختصاصها بحفظ الودائع والأسرار فقط. بل كل ما افترض الله على العباد فهو أمانة من صلاة وزكاة وصيام وأداء دين، وأوكدها الودائع وأوكد الودائع كتم الأسرار.
وحين نقرأ قول الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ} ندرك عظم المسؤولية وثقل التكليف الذي أناطه الله بنا في مقابل عظم المكانة ومدى التشريف الذي أكرمنا الله تعالى به كما في قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} ومن تكريم الله للبشر أن بعث إليهم هذا النبي الكريم الخاتم صلى الله عليه وسلم.
ولا شك أن أعظم من قام بأداء الأمانة على وجهها وعلى اختلاف صورها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا عجب في ذلك فإن الله تعالى قد استأمنه على أعظم الأمانات وهي أمانة الوحي، وقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك. ولذا قال صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (أنا أمين من في السماء يأتيني الوحي صباح مساء..) فالأمانة خلق نبوي أصيل، بل هي على الذروة من أخلاق النبوة.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود