كل شيء في هذه الدنيا فانٍ، قد يختفي في أي لحظة. قُبيل أجله يتعرض لفترة متعبة تدعى بالاحتضار.
لا يوجد لها وقت محدد، تأتي متى شاءت، كما قدرها الله في اللوح المحفوظ،
كل جزء من أجزاء جسدك متعرض لهذه الحالة، وكثيرًا منا من يهب الله له معجزة، العيش بعد الموت
كما الموت المصغر المطلق بالنوم، فإنه في الحقيقة موت مصغر، تصعد روحك للسماء ثم تُرد لك حين استيقاظك.
تتمدد أجسامنا للقوة الداخلية حتى تتفادى أي حالة تصاب به، كما قال رسولنا الكريم «لا تمارضوا فتمرضوا فتموتوا».
وعقولنا تتمدد لشيء بعيد غالبًا يميل إلى العاطفة لدرجة أنها قد تتوجه لمسارات معكوسة في حياة الإنسان وهو لا يشعر بها. يتلذذ بها المفرط ويغص بها العاقل!
و بحسب ربطي بين العقل والعاطفة، فإن العاطفة قد تسبب في احتضار العقل ولكنها لا تقتله.
يحتضر عقلك عندما تسيطر عاطفتك عليه بشدة!
فأنت حينها لا تفرق بين الحياة والممات، وقد تتبعثر أهدافك جميعها، بل تقضي معظم وقتك لتحليل الأفكار اليائسة التي أنتجتها عاطفتك حسب الظروف التي مررت بها! يعتبر هذا طبيعي جدًا في الكونية البشرية.
ولكن، إذا افترضنا ازدياد تلك الأفكار بنسبة ما، فستشعر حينها بأن نور حياتك انجلى، أصبحت سوداء لا قيمة لها، ومن هذه النقطة تتغير حياتك بكاملها.
من المؤسف في هذه الفترة يتجاهل عقلك أن ذروة الطاقة الداخلية لدى الإنسان تولد من هذه الأفكار المكبوتة. وترتقي لأعلى وتفوز فوزاً يليق بعظمة وجودك في الكون.
ليس هذا فحسب، فاحتضار العقل ينتج مسبقًا مع دافع الإصرار أن العاطفة هي جميع ما يملكه الإنسان، وبلا سابق إنذار تبدأ تدريجيًا بالسيطرة عليه... ولأن أغلب مجتمعنا هذا يميل إلى العاطفة فإنه بكل تأكيد يميل إلى احتضار عقله!
على سبيل العاطفة، شعور ما بين الهيام والوهم.. يجتاز حيزًا كبيرًا من حياتنا سواء الواقعية، الخيالية، وحتى الافتراضية.
قد تسبب تلك العاطفة الفياضة حينما تسيطر عليك فتصبح غريزة غيرك حسب ظروفه هو، فتكون كلاصقة جروح له لتشفي داءه ويستعيد قواه (العقلية) وتبقى أنت مغلقًا عيناك حتى يتخلى صاحب العقل عن لاصقته بحجة أن جرحه زال وانتهى.
هؤلاء «حاملو العقل المحتضر» يميلون لعاطفتهم كثيرًا ويتجاهلون عقولهم أو حتى ينسونها. إلى أن يفرجها الله عليهم ويستيقظوا من أزلهم. ليرجعوا إلى طبيعتهم البشرية ويستحقوا لقب «العقلاء»، فيحكم عقله للتفكير بأي موضوع كان، ويحاول بقدر الإمكان أن يتجاهل عاطفته -ولا ينساها-. فتراه يشغل نفسه لتجاهل أفكاره ولكنها للأسف تكون شبه ملفات مخزنة بداخل عقله الباطن.
فكم من مرةٍ غاب الإنسان عن وعيه، وفاض فيه حتى غرق بعقل الآخر كفكرة، قد تموت وقد تعيش معه طيلة عمره، وقد تُقتَل مع الزمن.