الأمة الإسلامية على كثرة دولها في هذا العصر أشدُّ ما تكون في حاجة إلى اجتماع كلمتها ووحدة صفِّها, ولا يمكن أن يكون ذلك إلا بما يلي:
أولاً: أن يُهيئ الله للأمة قائداً مصلحاً وإماماً قوياً مخلصاً لله في الدفاع عن المسلمين ومقدساتهم وديارهم, ولديه من المقومات ما يؤهله للاضطلاع بهذه المهمة العظمى, وليس ذلك بعزيز على الله عز وجل, فالخير باق في الأمة إلى قيام الساعة.
ثانياً: أن يكون الاجتماع على الاعتصام بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة, على فهم سلف الأمة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم, فصلاح العقيدة من أعظم مقومات اجتماع الأمة وأبرز أركان قوتها, فلا يجتمع أهل الأهواء والزيع والضلال من أهل الشبهات مع أصحاب العقيدة الصحيحة؛ لأنَّ الاجتماع معهم والحال هذه إنما يزيد الأمة ضعفاً إلى ضعفها.
ثالثاً: الدعوة إلى تقوية الوازع الديني في قلوب المسلمين وتكثيف عمل الدعاة إلى الله من علماء ووعاظ ونصحاء ومرشدين, فإنَّ هذا من أهم مقومات اجتماع المسلمين صفاً واحداً ضد عدوهم, وإنشاء مزيد من الكليَّات الشرعيَّة, وتكثيف مواد العلوم الشرعيَّة في جميع التخصصات...
رابعاً: عودة المسلمين إلى مولاهم وخالقهم, وإنابتهم وتجديد توبتهم من الذنوب والمعاصي, فإنَّ الذنوب سبب العقوبات والنقم, كما دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة.
خامساً: بيان مكامن الخلل وإصلاح ما فسد في القطاعين الحكومي والخاص, والمتابعة الدقيقة لإصلاح المعوج وما فسد, فإنَّ الإصلاح فيهما من أهم مقومات اجتماع الأمة ونهضتها.
سادساً: نبذ الخلافات الداخلية بين الأمة الإسلامية, واجتماعهم على عدوهم المشترك الذي سعى سابقا وما زال يسعى لبث الفرقة وزرع البغضاء وبناء الشحناء فيما بينهم, بينما هو يحاربهم بتأجيج الصراع تارة, وبمناصرة بعضهم على بعض تارة أخرى, وبنشر الأكاذيب والأخبار التي فيها تلبيس؛ ليصطاد من أراد منهم, ويساومه على ما أراد إلى غير ذلك من المكر والكيد والختل..
سابعاً: أن يعي المسلمون أهمية تصنيعهم لأسلحتهم بأنفسهم؛ كي لا يضطروا إلى شرائها من عدوهم, فإنَّ عدوهم قد يمتنع عن بيعهم تلك الأسلحة في أشد وقت يحتاجون إليها, وهذا المطلب من أهم مقومات اجتماع الكلمة والانتصار على الأعداء.
ثامناً: الاستفادة من وسيلة الإعلام وتنظيمه, وتهيئته كي يكون مواكباً فاعلاً فيما يخدم الصالح العام للمسلمين, لا أن يكون بوقاً ينشر كل ما هبَّ من أخبار, فالإعلام سلاحٌ من أعظم أسلحة الانتصار على الأعداء في هذا الزمن, ولا زلنا نرى الإعلام على ما يبذله من جهود في ذلك إلا أنَّه لا يزال قاصراً عن القيام بالدور المطلوب منه...
أسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق, وأن يولي عليهم خيارهم, وأن ينصرهم على أعدائهم, إنَّه قريب مجيب.
- خطيب جامع بلدة الداخلة في سدير