عبدالله بن محمد السعوي
من الظواهر اللافتة التي تقود إلى الإقصاء الفقهي وهي جديرة بالتمعن والمساءلة, مساءلة منبعثة من المفاهيم التأويلية للتشريع هي طريقة التعاطي مع المسائل الظنية، حيث يشيع النظر إليها وكما لو كانت ذات حكم قطعي ومنحها ذات الرتبة، حيث يبدو التشريع المؤول تشريعاً منزلاً تبدو جراءه المسألة الفقهية وكما لو كانت مسألة قطعية محسومة وعلى نحو لا يفسح مجالاً للقول المخالف وهذا له مظاهر متعددة منها:
1- اضطرار المخالف إلى عدم البوح بما يختلج في ذهنيته ويتلجلج في صدره وإكراهه على التكتم بما وصل إليه اجتهاده يتم هذا إما بشكل قسري صريح ومباشر وعلني أوعبر أساليب القوة الناعمة، حيث يجري تهميشه وإحالته إلى هوامش الظل ودوائر النسيان وبالتالي حرمانه من فرص الحضور فضلاً عن التصدي والتصدر وتسنم مواقع التأثير! هذه المصادرة للمخالف كثيراً ما تتم الشرعنة لها تحت ذريعة سد الذرائع وضرورة عدم فتح الأبواب، حيث نبدو وكما لو كنا نعيش في ثمانينات القرن العشرين! يجهل البعض أو يتجاهل أنه لا أبواب في هذا الزمن الفضائي المعولم, فالأبواب قد أزيلت والأسوار قد هدمت والحدود قد محيت في عصر العولمة والضخ القنواتي المذهل وأصبحنا نرى في القنوات وقروبات «الواتس أب» وحسابات التويتر والفيس بوك وغيرها أصبحنا نرى ليس مجرد أقوال فقهية مخالفة وإنما دعوات ممنهجة للتنصير بل دعايات مكثفة وبرامج مرئية تروج للإلحاد وتسوق لأدبياته صباح مساء!
مجتمعنا المحافظ اليوم يمور بانفتاح إعلامي معدوم النظير، والشاب يستطيع بكبسة زر العيش في بيئات وصلت إلى أقصى درجات الانحلال وهكذا ففي ظل كل هذه التحولات النوعية والعميقة وفي ظل هذا العالم الذي يعيش تحت وطأة لعب سياسية كونية قذرة لا يمكن في ظل هذا أن نتعاطى مع المجتمع الحديث بنفس الأساليب التقليدية وبذات الذهنية السكونية وأحادية الفكر... يتبع