«الجزيرة» - المحليات:
ألهب جراح التوائم العالمي المعروف الدكتور عبدالله الربيعة الحماس والتفاؤل والطموح في عقول مئات الطلاب والطالبات من خلال تزويدهم بخلاصة تجربته المميزة منذ أن كان طالباً في المرحلة الابتدائية حتى أصبح طبيباً ومسؤولاً يجد التقدير من مختلف الأوساط العالمية الأكاديمية والإنسانية، وكما اعتاد على فصل التوائم في وجراحة الأطفال استطاع الربيعة وهو المستشار في الديوان الملكي والمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أن يروي شغف طلاب المرحلة الثانوية والجامعية ويجيب على تساؤلهم عن كيفية صناعة النجاح وتحقيق الأهداف والوصول إلى القمة. وأكد الدكتور عبدالله خلال لقائه بنحو 500 طالب وطالبة ضمن البرنامج الوقائي الوطني فطن عبر مبادرة «تعلم وتميز»، أن الإنجاز ليس محصوراً على رجل أو امرأة وإنما متاح للجميع ولكنه يحتاج إلى الصبر والمثابرة والطموح والمبادرة. وقال مخاطباً أبناءه «الحياة بيت خبرة وكل منا يتعلم من الآخر، والجميع هو مجال دراسة، أبنائي وبناتي النجاح ليس صعباً، نحتاج أن نتحلى بالدين الإسلامي، ونكون محبين للوطن ويكون لدينا ولاء ووفاء وإخلاص، نحب والدينا ونسمع لهم، نكون جزءاً من منظومة الأسرة، والوقت مهم جداً والحرص عليه وتنظيمه، كما يجب أن يكون لك هدف وطموح للوصول إليه». ولفت الربيعة الذي تحدث بتلقائية وبساطة، إلى «أن الصعوبة تكمن في رسم الهدف وقرار الوصول إليه، مثل طلوع الجبل يمكنك التوقف وأخذ قسط من الراحة لكن لا تتراجع بل واصل الصعود». وحاول الدكتور عبدالله تقريب فكرته أكثر بقوله «تخيل أنك راكب جيباً وطالع طعس ومسرع لا تفرمل وترجع للوراء، بل زود العزم وواصل الصعود، يجب أن تطمح للأعلى ولا تقل أنني وصلت القمة لأن هذا اليوم يعني أنك نهايتك».
تجارب في حياة الربيعة
وتحدث الدكتور عبدالله الربيعة عن بعض المحطات والعقبات والتحديات التي واجهها في مسيرته وكيف تغلب عليها، إلى جانب بعض الطرائف التي حصلت له أيضاً، وذكر عندما كان في المرحلة الابتدائية وكيف استغنى عن مصروفه اليومي من أجل الحصول على دراجة، وهو ما حصل فعلاً بعد شراء والده دراجة واحدة له ولإخوته، وأضاف «كنت مسرعاً يوماً بالدراجة فضربت في الباب وشق رأسي حوالي 5 سنتيمترات، فذهبت إلى المستشفى واستخدم الدكتور إبرة كبيرة الحجم بعد أن غليت على النار، كانوا يدخلون الإبرة في رأسي بدون مخدر (بنج) وكنت أتألم لوالدي، فرد علي بقوله: إن شاء الله تكبر وتسوي أحسن منهم».
وسرد الربيعة قصته عندما حاول الغش في الصف الأول ثانوي بعد رؤيته لزميل له يغش، وقال: «كان هناك مدرس كبير وجسمه ضخم جداً، وكان لدينا امتحان كيمياء، ورأيت المدرس يخبط على طاولة زميلي ويقول أنا مستعد أراقب على ألف طالب وأتحدى يغشون، فيما زميلي فاتح الكتاب ويغش، فقررت فتح كتاب مثله فبدأت أرجلي تهتز وسقط الكتاب وبدلاً من الحصول على درجة ممتازة حصلت على صفر، ومن ذلك تعلمت بأنه لابد أن تدرس من عرق جبينك، ومن يغش في الدراسة يغش في الحياة ويتأثر مستقبله». كما تطرق الدكتور عبدالله إلى الرعب والخوف الذي سببه لوالدته - رحمها الله - عندما أحضر جمجمة لدراستها في المنزل إبان دراسته في كلية الطلب.
وتابع: «أثناء دراسة الطب استعرت الجمجمة ودرست فيها حتى الواحدة ليلاً ونمت، فجاءت الوالدة لإيقاظي فجراً فوجدت رأسين تحت البطانية، فقررت فتح النور ورفعت البطانية ورأت الجمجمة فصرخت وخافت، فاعتذرتُ منها وشرحت لها الأمر، فطلبت مني ألا يتكرر ذلك في البيت ومن يومها لم تدخل جمجمة بيتنا».
وعرج الدكتور الربيعة على مرحلة فصل التوأم السيامي، مبيناً أنه مدين في ذلك للملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - الذي أولى هذا الأمر اهتماماً بالغاً، وأردف «مسيرة التوأم لم تكن بساطاً أحمر، فأول حالة في التخصصي أرسل لنا الملك فهد - رحمه الله - يستشيرنا، مكثنا شهرين لدراستها، بعدها استفتينا الشيخ بن باز - رحمه الله - في النواحي الشرعية، وبعد دراسة طويلة وافقنا على إجراء العملية، وعملت وكانت بداية النجاح، لكن لا يعني أنك نجحت مرة أن تنجح في كل المرات.»
وأكد الدكتور الربيعة بأن تنظيم الوقت واستثماره هو الطريق الأول للنجاح ودراسة الطب تتطلب جهداً مضاعفاً وكل تخصص يعد مهماً إذا حرص الطالب على الإبداع، مؤكداً أن الشهادة لا تكفي بل يجب أن يحرص الإنسان على الإنجاز وعلى إتقان ما تعلمه، وقال الدكتور عبدالله إن العلم ليس له وطن ويجب أن نبحث عنه أينما كان، مؤكداً أهمية الهمة والطموح والإصرار والمثابرة لخدمة هذا الوطن الغالي.
وحث الدكتور عبدالله الطلاب والطالبات على بر الوالدين، وقال إن احترامهما والعناية بهما واجب ديني وإنساني، معلقاً على صورة وهو يقبل رأس والده وصورة ابنه خالد يقبل رأسه. وتعتمد فكرة المبادرة على الصور والتعليق عليها حيث عرضت أكثر من ثلاثين صورة على شاشة ضخمة ثم يعلق الدكتور عبدالله على كل صورة وتضمنت الصور طفولته ومراحله الدراسية من الابتدائية وحتى دراسة التخصص في كندا ثم مراحل عمله وجراحاً ومديراً تنفيذياً ووزيراً ومستشاراً ومشرفاً عاماً على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. وقال الدكتور عبدالله إنه دون تجربة فصل التوائم في كتاب بناء على طلب الملك عبدالله، فقال لي الملك هذا الكتاب ليس لك وإنما للوطن. وأضاف: لم أقدم للوطن الكثير بل كلنا قدم له الوطن الكثير.
وكان الدكتور عبدالله قد استقبل من الدكتور ناصر العريني أمين عام مجلس أمناء فطن مدير عام البرنامج ومستشار المبادرة الدكتور سعود المصيبيح وعدد من المسئولين في فطن مع صيحات كشفية جميلة واستقبال من مجموعة إنجاز بلا حدود وفريق نوافذ التطوعية. وبدأ الحفل بالقرآن الكريم ثم ألقى الدكتور ناصر العريني كلمة رحب فيها بمعالي الوزير الدكتور الربيعة وتحدث عن المبادرة وأهدافها منوهاً بدعم معالي وزير التعليم د. أحمد العيسى وبالدكتور الربيعة الذي كان أريحياً ومبادراً بالموافقة على أن يكون أول ضيف ويلتقي بأبنائه الطلبة، كما أشاد بصاحب فكرة مبادرة تعلم وتميز ومهندسها الدكتور سعود المصيبيح، مؤكداً بأن برنامج فطن وضع للطلبة والطالبات ولديه مبادرات متعددة وشاملة لما فيه مصلحة ديننا ووطننا. وبعد ذلك قدم الدكتور ناصر العريني درع فطن لمعالي الدكتور عبدالله الربيعة وتم تكريم الداعمين وشركاء العمل.
* * *
لقطات
- حضر الحفل الدكتور عبدالله الفهد رئيس جمعية الكشافة السعودية والدكتور عماد البهكلي مستشار وزير التعليم ومدير عام مكتب الدكتور المشرف العام الأستاذ راشد الراشد ومساعد مدير التعليم الأستاذ حمد الشنيبر والدكتور إبراهيم الدوسري واللواء الدكتور صالح المالك والمهندس ماهر العجو والأساتذة عبدالعزيز الحسين ومنصور البطي وصالح المسلم وجمع كبير من التربويين والمثقفين وأولياء الأمور ومئات الطلبة والطالبات.
- تحدث الدكتور عبدالله الربيعة للإعلاميين وتوقف كثيراً لأخذ صور مع الطلبة محاوراً وسعيداً بهم
- كان لجهود فرق العمل دور في نجاح الحفل ومنهم جمعية الكشافة السعودية ممثلة بالأستاذ سالم الدوسري ورئيسة مجموعة إنجاز بلا حدود التطوعية الأستاذة سامية السريع ومشعل القحطاني ورئيس نوافذ المدرب عبيد البرغش
- المهندس عبدالعزيز الخريجي رئيس مجلس إدارة سبق الراعي الإعلامي أبدى إعجابه بالحفل وطلب من الدكتور أَن يروي قصته مع ابنه الدكتور خالد عندما كان طالباً وكيف كان يعلّمه الاعتماد على النفس وأن يجري جميع أعماله بنفسه بعيداً عن أي ميزة وحتى عدم تدخله في قبوله وهو ما رواه الدكتور خالد في الحفل.
- كان الحضور النسائي مميزاً وممثلاً بحرم معالي الدكتور وبناته وعدد من الأكاديميات والمشرفات التربويات والأمهات اللواتي حضرن مع بناتهن اللواتي تجاوز عددهن المئتين وتميزت أسئلتهن بالوضوح والجدية.
- قدّم الحفل المذيع الشاب الطالب معاذ آل صالح وأخرجه مسرحياً الاستاذ أحمد الدخيل لله كما حظي بتسجيل وتغطية عدد من القنوات الفضائية.
- شاركت الأندية الصيفية والمعاهد العلمية وجمعية إنسان بحضور عدد من الطلبة والطالبات. وكانت مشاركتهم في الأسئلة والحوار مميزة وفاعلة.