د.دلال بنت مخلد الحربي
إن الجريمة النكراء التي وقعت قبل أيام من قبل التوأمين خالد وصالح العريني بحق والديهما وشقيقهما التي انتهت بقتل والدتهما تفوق في قسوتها كل الحدود وتتجاوز آفاق الخيال، ففي كل الشرائع السماوية وغير السماوية نجد أن هناك حرصاً على احترام الوالدين وطاعتهما وحبهما، أما في الإسلام خاتم الديانات السماوية فقد نصّ القرآن الكريم على طاعتهما وبرهما خاصة الأم «حملته وهناً على وهن» وفي القرآن تذكير بما تعانيه المرأة في حملها وإرضاعها وفي تربية طفلها، والأحاديث الشريفة كثيرة التي تحض على بر الوالدين والتركيز على الأم «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبيك». ومن ثم فقد كانت هذه الجريمة التي انتهت بقتل والدة التوأمين بطريقة وحشية قد يعف الحيوان عنها فما بالك بالإنسان الذي أعطاه الله العقل والحكمة والتمييز هي من أبشع الجرائم التي يقشعر لها البدن ولا يقبلها عقل..
إن هذه الجريمة ومن قبلها جرائم مماثلة حدثت لأقارب تبرز خللاً لا أعرف كيف أصفه، ولا أستطيع أن أتصور وقوعه فعلاً، ومن ثم فإن تحليل هذه الجريمة يجب أن يكون دقيقاً مبنياً على معطيات كثيرة، فلا بد أن نعرف كيف ترسخ هذا الفكر المتوحش في ذهن الشابين؟ وكيف تشربوا مبادئ تؤدي إلى قتل والدين؟ وكيف تجاوزا تعاليم القرآن وهما قد نشأ في داخل أسرة مسلمة؟ ودرسا في مدارس يفترض أنها تقدم مبادئ الإسلام وتعاليمه وتنشر روح المودة والرحمة من منطلق ثقافة إسلامية؟ كما أنهما شبا في محيط إسلامي؟ لا بد لنا أن نبحث كيف وصل هذا الفكر الضال إلى هذين الشابين؟ وكيف قبلا به؟ إن هذه الجريمة النكراء قد لا تكون الأخيرة وهو ما يتطلب بحثاً حاداً، وعناية فائقة بتتبع الأسباب والمؤثرات وكيفية تغلغلها في روح مستقبليها، وكيف أنها تقبل من قبل أفراد ينشأون في محيط إسلامي ويشبون على تعاليم الدين الذي نعرف أنه يدعو إلى الرحمة والتراحم بصفة عامة ويحث على الابتعاد عن الاغرار بالأنفس دون وجه حق،، وكيف يصل الأمر إلى التخلي عن كل المبادئ الإنسانية والانتهاء إلى قتل من هما سبب -بعد الله سبحانه- في وجوده والتنكر لكل ما بذلاه وقدماه على مدار سنوات حياة هذا الإنسان (القاتل) ليشذ ويكافئهما بالغدر..
أسئلة كثيرة ولعل الوصول إلى أجوبتها وإعلانها جزء من حل هذا الواقع الذي يهدد مجتمعنا ومستقبل شبابنا..