خالد بن حمد المالك
لم يشأ الأمير محمد بن سلمان أن يفوت أي فرصة وأي وقت من يومه الأول في باريس دون عمل، فقد كان يوماً حافلاً باللقاءات، والاجتماعات، والمباحثات، ولم يترك من وقته -بحسب متابعتنا- ما يمكن أن نقول عنه إن هذا الوقت مستقطع للراحة بعد أيام طويلة من الجهد والتعب وتتابع اللقاءات في أمريكا ثم فرنسا.
* *
كان ولي ولي العهد شديد الحرص على استثمار كل وقته لإنهاء مهمته بنجاح، مهما كان ذلك على حساب راحته، وكأنه يقدم مثلاً لكل القياديين بأن يتحملوا المسؤولية بمثل ما يفعل الآن، مؤكداً لهم أن النجاح له ثمن، وثمنه الإخلاص والجدية والشعور بالمسؤولية، وأن من يكلف بمهمة فعليه أن يعطيها من الوقت والعمل ما تستحقه.
* *
ومن المؤكد أن الاتفاقيات التي تمت، والمباحثات التي عقدت، والإنجازات الكثيرة التي أعلن عنها خلال زيارة الأمير الشاب لأمريكا، وتواصلت الآن بنفس الرتم والقوة والعزيمة في فرنسا، إنما تظهر إصرار الأمير على ألا يعود إلى بلاده إلا ومعه حزمة من الإنجازات يقدمها إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وإلى مواطني المملكة العربية السعودية الذين تابعوا زيارته لأمريكا ثم فرنسا بانتشاء وفخر وسعادة.
* *
بدأ برنامج الأمير في يومه الأول بلقاء صباحي مبكر مع الرئيس الفرنسي هولاند، كانت المباحثات فرصة لفتح كل الملفات التي حملها الأمير إلى قصر الإليزيه، واستعراض ما فيها، والتوافق والتفاهم على كثير منها، بما جعل الرئيس الفرنسي يسارع إلى الثناء على رؤية المملكة 2030 وأنه يؤيدها، ويرى أنها ستمتد في نجاحها إلى خارج المملكة.
* *
كان مشوار الأمير في اليوم الأول من زيارته لفرنسا طويلاً، توقف فيه لدى أكثر من جهة مستهدفة للتباحث معها، والتفاهم على صيغ للتعاون، وفق ما حملته الرؤية من مضامين ورؤى واضحة وشفافة، وكان التفاعل الفرنسي مع طروحات الأمير محمد بن سلمان كبيراً، والاهتمام غير العادي ساد الانطباع عن رؤية المملكة، فالاستجابة الأولية السريعة باستعداد الشركات ورجال الأعمال في فرنسا للاستثمار في المملكة، وذلك بأن أبدوا رغباتهم لبحث هذا النوع من التعاون وبشكل جاد، وكل ذلك تم بفضل تأثير الأمير في محاوريه على بلوغ الأهداف التي خطط لها في الزيارتين.
* *
ومن الواضح أن برنامجه لزيارة فرنسا، قد روعي فيه أن يتم بحث كل أوجه التعاون، وأن يتضمن اللقاء بكل القيادات الفرنسية لكسب الوقت المخصص للزيارة بأعلى درجة، فقد اجتمع برئيس الوزراء إيمانيول فالس، وبوزير الدفاع جان ايف لودريان، وبوزير الخارجية جان مارك إيرولت، وجرى بين سموه وكل من هؤلاء مناقشة العلاقات الثنائية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك تعزيز العلاقات الدفاعية والسياسية والاستثمارية.
* *
وعلى هامش زيارة ولي ولي العهد، وفي سياق الاهتمام باستثمار الزيارة في تطوير وزيادة الاستثمارات المشتركة، اجتمع وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف مع رئيس المجلس الدستوري لوران فابيوس، وتحدث معه حول رؤية المملكة 2030 التي تشمل برنامج شركة أرامكو، وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة، وبرنامج الشراكات الدولية، وبرنامج التخصيص، وعن أهمية وزيادة الاستثمارات المشتركة، كون فرنسا شريكاً إستراتيجياً مهماً للمملكة، وكان هناك تطابق في وجهات النظر.
* *
وبنفس التواصل الذي يقوم به الوزراء المرافقون لسمو الأمير محمد بن سلمان كان هناك لقاء لوزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل الطريفي بوزير الثقافة والاتصال أودي أزولاي، وبرئيس المجلس الفرنسي للإعلام السمعي والبصري أوليفييه شراميك، وبرئيس معهد العالم العربي الدكتور جاك لانغ، وخلال هذه اللقاءات الثلاثة بحث الدكتور الطريفي مع كل منهم فيما يخص التعاون والشراكة التي يمكن تحقيقها بين وزارة الثقافة والإعلام وهذه الجهات الفرنسية.
* *
وهذا التكثيف والتنوع في المباحثات في أول يوم من زيارة الأمير محمد بن سلمان، يعطيان انطباعاً عن حجم النجاح الذي تحققه، والنتائج التي ينتظر أن تكون حصيلة الزيارة، والاهتمام غير العادي بالتعاون بين البلدين، والتصميم على الدفع بالشراكة الثنائية بين الرياض وباريس إلى المستويات المطلوب تحقيقها من الطرفين.