(نيويورك تايمز) - أمريكا:
يقول عالم الاقتصاد بمعهد ماساتشوستس للتقنية في الولايات المتحدة دارون عاصم أوغلو وأستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفارد جيمس روبنسن، في كتابهما بعنوان: «لماذا تفشل الأمم: أصول السلطة والرخاء والفقر» أن الأمم تفشل بسبب قرارات حكامها وخياراتهم الغير موفقة التي تقود الى الفقر ومن ثم الى فشل الأمة.
الكتاب يقوم بعملية مسح تاريخية تبدأ من روما الإمبراطورية وحتى بوتسوانا في العصر الحاضر، بطريقة قد تؤدي الى تغيير الطريقة التي يفكر بها الناس بشأن ثروة وفقر الأمم.
ويشير الكتاب إلى أن وباء الطاعون في القرن الرابع عشر كان منعطفًا حاسمًا مشابهًا و قتل الكثير من الناس في أوروبا مما أدى إلى نقص في العمالة، لذلك حظي العمال في بريطانيا بقوة تفاوضية استطاعوا البناء عليها بعد ذلك في القرون المتعاقبة.
وعلى الرغم من أن الطاعون أدى أيضا إلى نقص العمالة في شرق أوروبا، إلا أن أصحاب الأراضي هناك استطاعوا أن ينتصروا في ذك الصراع، بعد أن كثفوا سيطرتهم واستطاعوا أن يعيدوا نفوذهم على المزارعين.
وبناء عليه ، من وجهة نظر المؤلفان، فإن الطاعون عمل على توسيع الهوة بشكل واضح لما كان ينظر اليه في السابق على أنه مجرد اختلاف بسيط بين أوروبا الشرقية والغربية.
يقول الكاتبان ان الاختراعات التي أشعلت الثورة الصناعية البريطانية مثل المحرك البخاري وآلة الغزل وغيرها ربما لم تكن لترى النور في مجتمع يقمع التدمير الإبداعي ويمنع حقوق الملكية، ولكن دولة سريعة النمو كالصين ربما تبدو أنها تخالف نظريات عاصم أوغلو وروبنسون.
الكاتبان يقولان أن ذلك ليس صحيحًا، حيث أن مؤسسات الاقتصاد الصيني أصبحت أكثر استيعابًا اليوم بصورة غير قابلة للمقارنة مما كان عليه الوضع قبل ثلاثة عقود ، كما أن معدلات النمو في الصين من المتوقع أن يخبو زخمها في النهاية.
الكتاب يعكس اعجابا واضحا بانجلترا ويؤكد انها تستحق جزءًا كبيرًا من الثناء لتطويرها مؤسسات سياسية استيعابية قبل أي دولة أخرى في العالم.
ولكن إذا كانت تلك هي القصة الكاملة، يمكننا أن تتوقع من إنجلترا أن تكون الدولة الأكثر رخاء في العالم في القرن الحادي والعشرين.
ولكن حتى لو استثنينا الدول الصغيرة الغنية بالنفط، فإن إنجلترا لا تزال وراء النرويج وسويسرا والسويد الدنمارك وهولندا وألمانيا والولايات المتحدة.
ومع بدء القرن العشرين، استطاعت أوروبا الغربية وكذلك الولايات المتحدة أن تتخطى إنجلترا في الرخاء.
ويضرب الكتاب مثالا بمصر التي يعتبر أنها كانت دائمًا دولة فقيرة في العصور الماضية، ويرجع الكتاب فقر مصر إلى حكم القبضة الحديدية خلال فترة الإمبراطورية العثمانية التي كانت تطبق سياسات استنزافية، ثم تحسنت حظوظ مصر في نهاية القرن التاسع عشر، عندما خضعت للاحتلال البريطاني الذي طبق فيها أحدث أشكال المؤسسات السياسية الاستيعابية في ذلك الوقت.
ولكن ذلك لم يغير الكثير في مصر بعد أن أصبحت أكثر فقرًا، نتيجة عدم تجذر المؤسسات الاستيعابية فيها بالرغم من الاحتلال البريطاني.
وهناك مثال صادم آخر بجانب مصر هو الهند حيث يقول الكتاب انها كانت حتى فترة استقلالها من بريطانيا عام 1945 فقيرة للغاية، بالرغم من أن بريطانيا سيطرت عليها بصورة كاملة لقرنين.
ولكن اليوم الهند (على عكس مصر) لديها واحدا من أسرع الاقتصاديات نموًا في العالم، كما أنها تعد في المرتبة الأولى عالميا من ناحية رؤيتها لأهمية التعليم.
- دانيل بيرج