ميسون أبو بكر
الحديث عن جريمة الحمرا وقتل التوأمين لأمهما (هيلة العريني) رحمها الله فاجعة، فالحادثة زلزلت كل من سمعها، فقد غفت الرياض يومها على جرح عميق وحادثة تجاوزت حرمة الشهر الفضيل وقدسيته، والقاتل ليس غريباً أو مجرماً متمرساً أو لصاً سطا على المنزل ليسرق مقتنياته الثمينة؛ لكنه توأمان في سن المراهقة حملتهما هيلة تسعة أشهر في جسدها الذي سرعان ما تمزقت أوردته وأنسجته بيد المجرمين الذين خلفا غضباً كبيراً وتساؤلات عديدة لكل من سمع بالجريمة النكراء ولم يستوعبها للحظة.
لم ينتظرا أرذل العمر حتى يكونا عوناً لأمهما السبعينية فيخفضان لها جناح الذل من الرحمة، أو يرفعان أكفّهما بدعاء لله لها بالرحمة والإحسان كما ربتهما صغيرين، لكن كان جزاء الإحسان غدراً وقتلاً وإصرارهما على إنهاء حياة طاهرة.
المأساة كبيرة بشناعة هذه الحادثة وذلك الشعور الذي دفع ابنًا لقتل أمه بدم بارد، ليست رصاصة التي انطلقت لتفتك بحياتها في لحظة غفلة بل مع سبق الإصرار والترصد طعنات متتالية لم يستفق الغادران بأي منها ولم تمر لحظة ذكريات لتصفع جحودهما وقرارهما ليعدلا عن فعلتهما.
أي الحالات كانت تغشاهما وقت ارتكاب الجريمة؟ أي مخدر استطاع تخدير غريزة الأمومة أقوى الغرائز الإنسانية والحيوانية كذلك!! وأي تنظيم إرهابيّ استطاع السطو بهذه الوحشية على سنوات من التربية والتنشئة والتفكير ليقوما بهذه الفعلة؟!
في الغابات وفي عالم الحيوان تهرع القطة للعدو الأكبر الكلب ترضع منه وتتكور في حضنه وتقاوم قانون الطبيعة وعرفها ليكون صديقاً آمناً وليس عدواً لمجرد أنها رشفت منه بضع مرات ليتحول العدو إلى أم وأمين فأي سحر شيطانيّ ذلك الذي جرعه المجرمان ليتحولا إلى وحشين كاسرين خلا قلبهما من الرحمة وحتى عاطفة الحيوان!!
أي تنظيم أو جماعة مهما كانت أدواتها وسطوتها ودوافعها تستطيع إقناع إنسان بقتل أم هي الدنيا وهي الحياة وسرها وهي كل شيء!!
أي شديد قد يقود الإنسان لينزع منه قلبه وفكره وذاكرته وإنسانيته وغرائزه النبيلة!! وأي حياة قد تبقّت لهذين الوحشين ليحيياها وبأي طريقة!!
وأي لحظة موت وعقاب قد تليق بهما!!
هما ومن سبقهما ومن استطاعت داعش غسل دماغه وتغريبه يعتبرون ظاهرة عجيبة مقيتة لا بد ويستعان بخبراء من الدول التي مرت بذات التجربة لتفكيك هذه الأسرار التي دفعتهم لما ارتكبوه. ليس أغلى من الولد إلا ولده، الضنا غالي، ومن نسيج الروح هم، فلذة الأكباد، فما الذي لوث الدنيا وقتل فيهم أروع الأحاسيس وأنقى الشعور!!
هذه اللحظات تمنيت أعض على أمومتي فلا تأكلني الحسرة، وأقتل ذاكرتي فتمحي هذه القصة، وأن أكون قنبلة تفجر التنظيم المزعوم داعش الذي تفشى كمرض سرطاني لا بد استئصاله.
إلى جنات الخلد با هيلة، ستظلين كنجمة في السماوات تلوحين من عليائك، والصبر لذويك، والمجد لقوات الأمن التي تحرس هذه البلاد بكل الطاقات والإمكانيات.