المدينة المنورة - علي العبد الله:
من المهام الأساسية للدراما نقل الواقع وتجسيده في مشاهد تمثيلية، وعندما تلامس الدراما الواقع وتنقله بحذافيره للمتلقي تصل وبسهولة الرسائل الاجتماعية التي يريدها الكاتب والمخرج أن تصل للمجتمع وأفراده. وكلما طرحت واقعاً، كلما زاد سقف نجاح الحلقة الدرامية، وهذا ما نجح فيه الكاتب سعد المدهش وباقتدار في حلقة (الجوع) عبر مسلسل «سيلفي 2»، هذه الحلقة التي طرحت معاناة عاشها أجدادنا في المنطقة من جوع وعطش وحالة (بؤس) نتمنى ألا تعود مرة أخرى.
لعبت (الميلودراما) دوراً رئيساً في أحداث الحلقة وهُنا عندما نتحدث عن الميلودراما نحن نعني (تضخيم) الحزن والمبالغة فيه وذلك لتهويل المواقف التي كانت في تلك الحقبة من الزمن، إذاً هذا (التضخيم) تم توظفيه من قبل الكاتب بلغة درامية تراجيدية مُتقنة وبأفعال جعلتنا نتألم كثيراً للحالات الإِنسانية التي تم طرحها. فنجد من يُطعم أبناءه لحم (الجيفة) كي لا يأخذهم الموت، وفي المقابل وجدنا من حاولت أن تبيع ابنتها لتجد قوت يومها مع أهلها، وكذلك شاهدنا كيف تكون المأساة عندما تفقد أحد الأسر الماعز التي يعتمدون عليها في مأكلهم ومشربهم وفي المقابل كل يوم يُغيب الموت أحدهم بسبب الجوع وعدم توافر الزاد.
تم تجسيد المشَاهد في قرية تراثية كما لعبت العوامل الفنية في هذه الحلقة دوراً بارزاً كملابس الفنانين والمكياج ولغة الجسد، خصوصاً في الرحلة التي أراد بها بعض أهالي القرية الهروب للبحث عن المعيشة في مدينة أخرى.
من المشاهد المؤلمة التي تم ختام الحلقة فيها وهي القمة التي وصلت إلى ذروتها في حبكة الميلودراما الإِنسانية البائسة، هي المشهد الذي يأكل فيه مجموعة الأصدقاء لحم (الكلب) وهم يستمتعون بذلك في صحراء قاحلة ووجوه كالحة، وفي الطرف الآخر نجد في زمننا الحالي من يتربع برفقة أصدقائه على مأدبة عشاء تكفي العشرات، في إشارة واضحة للتبذير والإسراف الذي وصل إليه البعض منا غير مكترثين بأفعالهم (غير المحسوبة).