ثامر بن فهد السعيد
شهدت إجازة نهاية الأسبوع الماضية حدثا مدويا بعد أن صوت البريطانيون على الخروج من الاتحاد الأوربي وهو بدوره ما كان له الأثر الكبير في انخفاض الجنيه الإسترليني أمام العملات الرئيسية حول العالم فسجل الباوند أدنى مستوى له أمام الدولار منذ 1985 م واستمرت التداعيات لتلامس أسواق السلع والمعادن حيث تحفز الذهب للصعود وعلى العكس كانت حركة النفط والأسواق المالية فشهد العالم الجمعة السوداء بعد أن تبخر ما يقارب 2.1 ترليون دولار في يوم واحد بسبب تراجع البورصات بالإضافة إلى مئات المليارات من الدولارات التي خسرها أثرياء العالم وحدهم في هذا الانزلاق الكبير.
أخذ البريطانيون قرارهم بالخروج وهو ما دفع رئيس الوزراء البريطاني للإستقاله تاركا القرار النهائي وإجراءات الخروج بيد من سيخلفه في رئاسة الوزراء وهذه الخطوات ستأخذ وقتا قدر بما لا يقل عن 24 شهرا من أكتوبر القادم وبرغم العريضة التي تجاوز التوقيع عليها 3 مليون مواطن بريطاني بالمطالبة بإعادة التصويت إلا أنه من غير المتوقع أن يجري هذا التصويت مرة أخرى، بالرغم من موجة التراجع الكبيرة التي شهدتها الأسواق إلا أن السوق البريطانية استعادت عافيتها ومسحت جميع خسائرها التي حصلت في الجمعة السوداء وكذلك فإن أسعار النفط عادت مرة أخرى للارتفاع متأثرة بتراجع منصات الإنتاج الأمريكية وكذلك انخفاض المخزون الأمريكي من النفط بما يزيد عن 4 مليون برميل هذا الأسبوع فتجاوز برنت مستوى 51 دولارا للبرميل.
لعله من محاسن الصدف أن كل هذه الإجراءات والتراجعات حدثت في غياب السوق السعودية وأسواق المنطقة ما أعطى فرصة للمتعاملين في أخذ وقت أكبر في التفكير وصنع القرار فكان الافتتاح الأحد بتراجع تجاوز 4.5% سببه التدافع للبيع والهرب من الأحداث قبل أن يعاود السوق تقليص خسائره وتعويضها خلال الأسبوع، كان للتفاعل السريع من مؤسسة النقد العربي السعودي دور مهم في التماسك فكان التصريح المباشر والتفاعل مع الحدث بمثابة توضيح الصورة للمجتمع عامة بما يخص مدخرات البلاد وكذلك بمثابة الإيضاح القيم للمستثمرين على البنوك والسوق جراء هذا الحدث الجوهري، كذلك فإن هيئة الإحصاء الوطنية كانت مبادرة مع الحدث لإيضاح حسم الصادرات والواردات بين المملكتين وكذلك بين السعودية ودول الاتحاد الأوربي وهذه أيضا توضيحات تساهم في صنع القرار وإيضاح الصورة.
لن ينتهي فصول الخروج البريطاني عند هذه المؤثرات أو العوامل فلا شك أن التطبيقات الضريبية وسوق العمل البريطاني والأوربي وبيئة الأعمال البريطانية ستشهد تغيرات جوهرية، كما أن هيكل الاتحاد الأوربي وقدرته على الاستمرار هي محل شك الآن في ظل هذه المتغيرات وهنا في ظل هذه المتغيرات الجوهرية سيكون بمقدور الصندوق السيادي السعودي أن يبقى متيقظا ومتحين لاقتناص الفرص التي من المقدر أن تلوح في الأفق كما حدث في أزمة 2008 وإن كنا لم نستغلها بجراءه إلا أننا تمكنا من المحافظة وقتها على الاستقرار المالي للبلاد واليوم في ظل المنهجية الجديدة لاستثمار احتياطيات البلاد ننتظر أن يقتنص صندوقنا السيادي ما يتاح من فرص جراء هذه المتغيرات.