عبدالله بن محمد السعوي
2 - من مظاهرالمبالغة في المسائل الظنية ورفعها الى مستوى القطعية مانراه يتكرر كثيرا من صورهذاالتمحورالحاد حول قضايا اجتهادية يتم النفخ فيها والتنبيه الغالي عليها من خلال طرح تجييشي وعبرخطب ومحاضرات ومطويات وتغريدات وعلى نحولايفضي إلاإلى تقليص مساحات ظنيتها وإشعال فتيل المعارك عليها وجعْلها معقداللولاء والبراء ومنع - إما صراحة أوضمنا - حتى حكاية الخلاف فيها وعلى نحو يقلل من فرص خلق فضاء فقهي متسامح ينسجم مع مقتضيات فقه الواقع ويؤهل الفرد للون من التعاطي الناضج مع ضغوط العولمة وإفرازات الانفتاح.
تلك الافرازات والتحولات والتغيرات وهذاالصراع الفرقي والمللي نفث في الوعي العام روحا جديدة فغيرفي سلم الأولويات بل وقلب بعض المعادلات رأسا على عقب وعلى نحوبات يمثل تحديا سافرا وكبيرا وهذا لابد أن يكون في عين الاعتبار وهو ما أشار إليه (المرداوي) في (التحبير)حينما تحدث عن وظيفة الفقيه وطبيعة موقفه من القضايا الاجتهادية وإظهاره للقول المخالف وعدم التكتم عليه ثم عقب ذلك بقوله:»ولايسع الناس في هذه الأزمنة غير هذا»
فإذا كان المرداوي يضع نصب عينيه طبيعة زمنه وطبيعة الظروف والملابسات التي يعيشها ويعايشها فكيف في هذا المقطع الزمني المعولم والمتنوع في كافة المسارات والأطياف.
إن الخطاب الفقهي الناضج لايأنف من المراجعة ولايُصعد حساسيته من النقد وهويعي تماما أن المبالغة والتشديد المفرط في بعض القضايا وطلب الإجماع على مسائل تأباه طبيعتها أمر يتنافى وأدبيات الفقه الرشيد التي كثيرا ما تدفع باتجاه البعد الوسطي النائي عن الإفراط والتفريط,وبين التشدد والتمييع معادلة صعبة لايضبط إيقاعها إلاالمدركون للمنتج الفقهي من جهة والواقع المثخن بالتحولات من جهة أخرى...يتبع