رقية سليمان الهويريني
تزيد الموالد في مصر عن 2500 تخص مقامات لأولياء مشهورين لديهم يحتفل بمولدهم سنوياً. وتتباين شهرتها، فليست كل الموالد تحظى بنفس الشهرة ونفس الاهتمام. وظهرت في عهد الفاطميين لإحياء ذكرى ميلاد المتوفين من الصالحين بطريقة كرنفالية مبهجة لا يظهر فيها الحزن أو التأبين للميت مما يعني تحولها لاحتفالات دنيوية أكثر منها دينية فيتم فيها تناول المأكولات والمشروبات وممارسة الفرح وحتى الرقص!
ما دعاني لذكر الموالد - مع الفارق - ما أراه في المساجد من احتفاليات أثناء صلاة التراويح والقيام في رمضان، حيث يتغير الشكل الديني للمسجد لشكل اجتماعي دنيوي بحت، فيتم التحضير لذلك قبل حلول شهر رمضان، وتوضع المظلات والسواتر، ويعين مشرفون لتنظيم الصفوف وآخرون لتوزيع المياه والمناديل ويتطور الأمر لتوفير ثلاجات لحفظ المياه باردة، وهناك خِزانات خاصة لوضع مناديل الورق، ودواليب للمنشورات والكتيبات، ويتطور الأمر بتوفير صبابين لتوزيع القهوة والحلويات والبخور تقرباً لله في ليالي رمضان الكريمة.
وحال النساء طريف جداً، حيث يتفاجأن بمنع البعض من الدخول للدور الأرضي بحجة تخصيصه لكبيرات السن أو من تتحايل على المراقبات، بينما جميع الرجال يصلون في الدور الأرضي.
والمفاجأة الكبرى عمد بعض النساء لحجز أماكن لقريباتهن وصديقاتهن واللاتي قد لا يحضرن!، وترفض أن تقترب من المكان المحجوز أية امرأة غريبة! وإن حاولت تجد من يدحرها! ولو أدى الأمر لحصول مشادات وملاسنات فتسعى المشرفات لفض الاشتباكات، وقد تتأخر إحداهن عن الاصطفاف للركعة التالية بسبب الفضول ومشاهدة ما انتهى إليه النزاع، وإن استمر فقد تتدخل بعض النساء للقيام بالدور الإصلاحي والدعوة لتقوى الله!
ولا تعجب حين تسمع مداولات النساء حول المطالبة بخفض برودة التكييف أو زيادته بحسب الدهون المتراكمة على الأجساد أو التوتر المصاحب لفعاليات الصلاة من بكاء الأطفال تارة أو نغمات الجوالات تارة، أو اختراق الصفوف والتشويش على المصليات، وما يتخلل وقت التراويح والقيام من أحاديث الوعظ والزجر الموجه غالباً للمرأة وتحذيرها مما يحاك لها من الليبراليين التغريبيين، والدعوة للنساء بالصلاح دون الرجال بدعوى أنهن أكثر أهل النار برغم معاناتهن وحرصهن لحضور الصلاة في المسجد واصطحابهن أبناءهن وتجشمهن تلك المعاناة لدرجة استعجالهن وعدم تمكنهن من الاستحمام بعد إعداد وجبة الإفطار، وقد يعدن لمنازلهن دون أحذية!
القيام في رمضان أسهل من ذلك بكثير، والصلاة في البيت أكثر راحة وهدوءً وخشوعاً ما لم يتغير الحال!