سعود عبدالعزيز الجنيدل
ذكر ابن عبد ربه في كتابه «العقد الفريد» هذه القصة، فقال:» كان بنو حنظلة بن قريع بن عوف بن كعب يقال لهم بنو أنف الناقة يسُبون بهذا الاسم في الجاهلية، وسبب ذلك أن أباهم نحر جزورا وقسمَّ اللحم فجاء حنظلة وقد فرغ اللحم و بقي الرأس، وكان صبيا، فجعل يجره؛ فقيل له: ما هذا؟ فقال: أنف الناقة. فلقُبِ به، وكانوا يغضبون منه...
إذا يمكنني أن أقول بلغتنا الحاضرة، إن هذه «العيارة» قد التصقت بهم، وبقوا يشعرون بالحرج من هذه التسمية.
أصبح أفراد هذه القبيلة» أنف الناقة» يشعرون بالمهانة، وذلك حين سماعهم لهذا الاسم، واستغلت القبائل الأخرى هذا الأمر، وأصبحوا لا ينادونهم إلا به.
لكن ما الذي حصل لهم، وجعلهم يفتخرون بــ» أنف الناقة»، وبالعكس تماما صار هذا الاسم يشعرهم بالفخر والانتماء له مفخرة عظيمة.
في حقيقة الأمر، الاسم بقى كما هو لم يتغير، ولكن الذي تغير هو موقف الناس من اسم هذه القبيلة، ولما تغير موقف الناس، تغيرت نفسية أفراد قبيلة» أنف الناقة».
إذا نظرة الناس لنا مهمة، ولكن من وجهة نظري لا نستسلم لها، بل نفعل أقصى ما نستطيع، ونبني شخصياتنا المستقلة، بغض النظرعن نظرة الناس لنا، فالناس لا يرضيهم العجب، وكما قيل رضا الناس غاية لا تدرك ورضا الله غاية لا تترك.
نعود إلى قصة» أنف الناقة».
سمع بقصتهم الحطيئة» أبو مليكة»
فقال فيهم:
قوم هم الأنف والأذناب غيرهم
ومن يسويَّ بأنف الناقة الذنبا
وبعدها أصبح هذا الاسم مدعاة للفخر عندهم.
لا تستسلم لنظرة الناس لك، ولا تنتظر رضاهم عن أفعالك أو أفكارك، أو تصرفاتك، وافعل أقصى ما تستطيع لكي ترضي الله قبل كل شيء، ثم ترضي والديك، وأخيرا ترضي نفسك، فيكفيك أنك أنت، نعم أنت، وأبحر لتشق عباب البحر، و تصنع مجدك.
وإذا أردت أن تخلد للراحة والكسل، فسأقول لك:
لا تطلب المجد إن المجد سلمه
صعب وعش مستريحا ناعم البال
أما أنا فسأقول لنفسي:
ولو أن ما أسعى لأدنى معيشة
كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثـل
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي