د.عبدالعزيز العمر
يعد (الكم) و(الكيف) طرفين أساسيين في أي معادلة تصف أي مجال تنموي أو مهني. ويظهر صراع (الكم) مع (الكيف) بوضوح في كثير من مناحي الحياة. فمثلاً، على مستوى العدد السكاني لا يمكن القول إن الزيادة في عدد السكان يمكن أن يكون عاملاً إيجابياً في تحقيق التنمية الوطنية إلا إذا رافق هذه الزيادة ارتقاء بـ(نوعية) هذا العدد السكاني، من حيث جودة ومستوى ما لدى السكان من معرفة ومهارات وقيم وسلوكيات حضارية. ففي الصين، مثلاً، بلغ عدد السكان أرقاماً مهولة، ومع ذلك لم نسمع يوماً عن مجاعة أو فقر أو احتراب في الصين، وما كان ليتحقق لهم كل ذلك لو لم يوفروا لمواطنيهم تعليماً عالي الجودة، في ظل نظام إداري حازم وصارم وعالي الكفاءة، لقد رفع الصينيون شعار «كلٌّ يعمل بأقصى طاقته ويأخذ بقدر حاجته»، في المقابل هناك شعوب يعمل كثير من أفرادها بأقل طاقه ممكنة، ويأخذون في المقابل ما يزيد كثيراً عن حاجتهم. ورد في الأثر أننا مندوبون إلى التكاثر والتناسل ، لكننا إذا لم نرفع جودة هذا «الإنتاج البشري بواسطة التعليم»، فسيتحول في النهاية إلى غثاء، يستهلك ولا ينتج.
صراع الكم والكيف نجده بوضوح في التعليم كذلك ، فمثلاً بالغت مناهجنا في عدد صفحاتها على حساب ما يكتسبه ويتعلمه الطالب فعلاً من مهارات وقدرة على التفكير. بل إن فيروس الكم طال حتى الرسائل العلمية الجامعية ، فبعضها يصل عدد صفحاتها إلى الألف، في المقابل تذكروا أن عدد صفحات الرسالة العلمية التي حصل بموجبها العالم الفذ أنشتين على جائزة نوبل لم يتجاوز تقريرها ثلاثين صفحة.