إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:
أظهر تقرير حديث، صادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي حول معدلات التضخم لشهر مايو هذا العام، أن الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة بالمملكة قد حقق استقراراً تاماً خلال شهر مايو.. وجدير بالذكر أن هذا الاستقرار يعتبر الأول منذ فبراير 2015م.. حيث أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة أصبح متصاعداً من شهر لآخر.
وجدير بالذكر أيضاً، أن الرقم القياسي لتكاليف المعيشة لم يسجل أي ارتفاع عن مستواه خلال الشهر الماضي .. ويعتبر التراجع الواضح في أسعار المواد الغذائية أحد أهم الأسباب وراء هذا الاستقرار.. إذ سجلت أسعار المواد الغذائية خلال مايو تراجعاً بمعدل 0.5 نقطة بعد فترة طويلة من الارتفاع المستمر والمتواصل .. أما الشيء المثير حقا هو تحقيق الأرقام القياسية لتكاليف معيشة المواد الغذائية تراجعاً قوياً خلال فترة الخمسة أشهر الأخيرة (ديسمبر 2015 إلى مايو 2016م) بمعدل 3.2 نقطة، وهو أمر غير متوقع ويدل على هدوء قوي في أسواق المواد الغذائية .. فأسعار المنتجات الغذائية الرئيسة والتي على رأسها الأرز والإنتاج الحيواني، كانت ضمن سلة منتجات رئيسة أحرزت تراجعا ملموسا خلال الآونة الأخيرة.
أما على مستوى الفترة من مايو 2015 إلى مايو 2016م، فقد سجلت المواد الغذائية ارتفاعاً طفيفاً في تكاليفها لم يتعد 0.5 نقطة.. وهو ما يعزز من توقعات وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة» بأن المواد الغذائية مستمرة في التخلص من فقاعاتها التضخمية التي اكتسبتها منذ يناير 2012م وحتى ديسمبر 2015م.. ووصلت حجم الفقاعة التضخمية للمواد الغذائية إلى حوالي (50) نقطة خلال فترة لم تتجاوز أربع سنوات.
وكثير ما يثار التساؤل: لماذا يستمر الرقم القياسي لتكاليف المعيشة في الحفاظ على مستويات مرتفعة طالما تراجعت أسعار المواد الغذائية بهذا الشكل؟
من المعروف أن هناك نوعين من تكاليف المعيشة تتنافسان حول التأثير على الرقم القياسي لتكاليف المعيشة بالمملكة هما المواد الغذائية، وأسعار السكن والمياه .. فهذان الرقمان هما الأعلى كأوزان نسبية في تحديد الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة.. ورغم تراجع تكاليف المواد الغذائية بالمملكة خلال الشهور الخمسة الأخيرة، إلا إن تكاليف السكن أحرزت ارتفاعات جديدة خلال هذه الشهور الخمسة وصلت إلى حوالي (10.1) نقطة.. كما أن تكاليف السكن حققت ارتفاعاً بنحو (0.4) نقطة خلال الشهر الأخير.. بما يدلل على أن أزمة السكن لم تهدأ، بل أنها تتفاقم، وأنها باتت السبب الرئيس وراء التضخم بالسوق المحلي.
وعلى مدى السنة الأخيرة (مايو 2015 إلى مايو 2016) فإنه رغم ارتفاع تكاليف السكن بمعدل (12.6) نقطة، وهو معدل مرتفع ومخيف ويحتاج إلى التفحص جيداً حول مسبباته وسبل إيقاف جماحه، فإن التراجع الواضح في تكاليف المواد الغذائية قد ساعد على موازنة تأثير الارتفاع القوي في تكاليف السكن.. حتى أننا لا نكاد نشعر بتأثير التضخم الناتج عن السكن.. أي أن انكماشاً في أسعار المواد الغذائية ساعد على تلطيف معدلات التضخم الناجمة عن تكاليف السكن بالسوق المحلي خلال الشهور الخمسة الأخيرة.
وحتى الآن تترقب كافة الأوساط الاقتصادية التأثيرات الإيجابية المتوقعة لتطبيق رسوم الأراضي البيضاء على تهدئة أسعار المساكن بالمملكة نتيجة توقعات بتراجع أسعار الأراضي ومن ثم تراجع تكلفة بناء المساكن.. وعليه، فإن التوقعات تدور ليس في تراجع أسعار المساكن ولكن على الأقل إيقاف صعودها القوي والمستمر منذ أربعة أعوام تقريبا.. وعليه أيضاً، فإن معدلات التضخم مع نهاية هذا العام من المتوقع أن تسجل استقراراً أكثر من المحقق حاليا وخلال شهر مايو الماضي.