«الجزيرة» - راكان المغيري / تصوير - عبدالملك القميزي:
شارع لا يتجاوز عرضه 5 أمتار وطوله 300 متر في حي ثليم وسط العاصمة الرياض ارتمت محلات بيع السواك بالجملة على شفتيه اليابستين يجمعهم عود أراك واحد.. شارع سليم التاريخي سيطرت العمالة البنجلادشية على عمليات البيع والشراء فيه، وطبعته بطابعها فأصبح وكأنه قطعة من شوارع دكا. ورغم رخص البضاعة إلا أن هوامير ذلك السوق متمسكون بهيمنتهم عليه، محلات موزعة بشكل عشوائي نظافتها ليست على ما يرام وتبيع مطهرة الفم، بين هؤلاء البائعين كان للجزيرة جولة محمد وحيد أحد أقدم بائعي السوق. يقول هنا يوجد عمال منذ 30 عاماً, وأنه أصبح رمزاً وأحد أهم منافذ بيع السواك في السعودية وبعض البلدان الخليجية، مبيناً أنه توجد عدة أنواع في السوق هي أراك جيزان واليمن ما يعرف بـ«أبو حنش».
يشير وحيد - وهو بنجلادشي الجنسية - إلى كيفية التفرقة بين «المسواك الأصلي وغير الأصلي قائلاً: كلٌّ له علامات وسمات سواء بالطعم أو الشكل أو اللون, فالمسواك الأصلي يعرف عندنا بـ «أبو حنش» حيث يكون مخططاً كشكل حنش، بينما غير الجيد يكون دون خطوط أيضاً في الطعم، فالمسواك الجيد يكون طعمه حاراً وغير الجيد يكون بارداً، أما من ناحية اللون فالمسواك الجيد يكون لونه أبيض، وغير الجيد هو ذو لون بني».
ربحية مرتفعة
ويؤكد وحيد أن مبيعات سوق المساويك ترتفع وتكون في ذروتها في شهر رمضان نتيجة الطلب الكبير فهو موسم لبيع السواك، ويتم بيع الحزمة من النوع الجيد بمبلغ 300 ريال على باعة متجولين من العمالة في الغالب وتتراوح ربحيتهم من 90 في المائة إلى 100 في المائة».
وبين وحيد أن تجارة المسواك سجلت تراجعاً خلال الفترة الماضية بعد إطلاق الحملات الأمنية ضد مخالفي أنظمة الإقامة: «لدينا قصور في التوزيع بسبب قلة الموزعين بعد تضييق الخناق من قِبل الجهات الأمنية في نظام الإقامة ومحاربة تواجدهم في الأمكنة المعتادة مثل المساجد وأماكن الجهات الحكومية التي يرتادها المواطنون بشكل متزايد». مشيراً إلى أن تواجد أبناء جلدته في السوق دون غيرهم لعبت الصدفة دوراً كبيراً بعد ابتعاد تجار سعوديين منذ عقود عن هذه المهنة، مضيفاً أن مبيعات السوق في فترة الركود تتجاوز 100 ألف ريال شهرياً.
دور البلدية
وعلى الطرف الآخر من السوق كان يقف الشاب ذكر جوهيدار محمد والذي يعمل بائعاً في سوق المساويك، حيث يؤكد أن الإجازات الرسمية تعتبر أسوأ الأوقات التي يمر بها السوق من خلال تكدس البضاعة، مشيراً إلى أن عدم معرفة السعوديين بنوعية السواك الجيد أسهمت في مبيعات عالية للنوعيات الرديئة التي تعتبر تالفة في السوق من خلال تسويقها على طلاب المدارس من قبل موزعين من العمالة.
وبين جوهيدار أن البضاعة تأتي إلى شارع المساويك بعد فحصها من قِبل المنافذ الحدودية فيما يخص البضاعة الواردة من اليمن، لافتاً أن البضاعة المحلية لا يتم فحصها. وذكر جوهيدار أن البلدية لا تفحص البضاعة المتواجدة بين أركان المحلات وقال: «دور البلدية في رخصة المحل ولا يتم التفتيش في البضائع»، مضيفاً أن بعض أعواد الأراك تكون مصابة بأمراض ويتم إتلافها من قبل البائعين أنفسهم.
وحول تحول الشارع إلى قطعة من شوارع دكا ذكر محمد أن تواجد وسكن العمالة البنجلادشية هو من أسهم في ذلك من خلال معروضات البيع ولرخص المنطقة السكنية والتجارية في هذا الحي القديم.
تغليف المساويك
وتجولت «الجزيرة» على امتداد الشارع ولم تجد سوى بائع عربي وحيد في آخر الشارع من الجنسية اليمنية الذي يضم محله بضاعة قادمة من بلده يعمل هو بتصريفها وأخذ مكاسبها وإرسال قيمتها لتجار جملة في اليمن وذكر لنا اليمني ويدعى عبدالله حسين، أنه يستقبل البضائع من اليمن ويتم توزيعها وتحويل قيمتها إلى بلده.
وتابع قائلا: «يتم تصدير الأراك للسعودية ونقوم هنا بتوزيعه في المملكة وبقية مناطق الخليج سواء بتغليفه أو بيعه كما هو وبالرغم أن شجرة الأراك منتشرة في معظم مناطق السعودية إلا أنها ليست بنفس الجودة التي تجود بها شجرة الأراك في الأراضي اليمنية، وهذا بشهادة التجار المتخصصين - على حد قول البائع اليمني - و يكثر الطلب على السواك اليمني أكثر من غيره ولا يدفع تجار هذا السوق مبالغ كبيرة تتناسب مع جودة وجهد العمال الذين استخرجوا أعواد الأراك وهي تجارة مربحة جداً.
وبين عبدالله حسين أن كثيراً من التجار السعوديين حاولوا تغليف المساويك وبيعها بطريقة جيدة إلا أنهم حاولوا الحصول على أراك باكستاني يعتبر أقل تكلفة مما تسبب في عزوف الكثير عن هذه المساويك المغلفة والتوجه للحصول على السواك بالطريقة التقليدية المتعارف عليها. وعاد الطلب مرة أخرى على السواك بشكله التقليدي وأصبح بعض العمالة يعملون على بيع المساويك القديمة التي يحصلون عليها من بعض محلات الجملة بأسعار أرخص من المتواجدة حديثاً.
ويرى عبدالله حسين فيما يتعلق بغياب العرب عن تجارة بيع السواك في هذا الحي، بأن ذلك نتيجة قلة المواقع وسيطرة العمالة البنجلادشية وتقبيلها لأبناء جلدتهم.
غياب المعايير
وذكر عيسى الحربي - صادفته «الجزيرة» أثناء جولتها في السوق - بأن الأسعار تختلف من محل إلى أخر بحسب مزاج البائع وليس هناك أي معيار واضح للأسعار، وقال: «زرت أغلب المحلات أسعارها لا تتوافق إطلاقا مع بعضها البعض والجودة متواجدة بحكم أن السوق هو الوحيد في الرياض ويعتبر موزعاً كبيراً للمنطقة».
ويشير الحربي إلى أن سبب قدومه إلى السوق كان بهدف شراء كمية من السواك وتقديمها كهدايا لذويه وأصدقائه، مضيفاً أن الأسعار تتراوح من 170 وحتى 300 بحسب النوع والجودة، مضيفاً أن سواك «أبو حنش» هو مطلبه وأن الشراء بشكل مباشر من منبع السوق تكون فيه الأسعار منخفضة إلى النصف مقارنة بشرائه من البائعة الجائلين الذين عادة ما تجدهم في بسطات أمام المساجد وفي الأسواق العامة.
صحة البيئة.. مراقبة بيع السواك ليس من اختصاصنا
أكدت صحة البيئة التابعة لأمانة مدينة الرياض، أنها لا تعمل على مراقبة سوق السواك والوقوف على بضاعتها، حيث أن هذه المهمة من اختصاص البلديات الفرعية. وأوضحت صحة البيئة على لسان مديرها الدكتور فلاح الدوسري، أن الجولات الرقابية على سوق الجملة للسواك من مهام بلدية الحي الذي يقع فيه السوق ذاته وهو المخول أيضا بمنح تلك المحلات رخص مزاولة النشاط.
ما هو شجر الأراك؟
الأراك شجرة موجودة في المناطق الحارة والرملية وفي المناطق الأكثر جفافاً وفي التربة الرملية السلتية العميقة أو متوسطة العمق، ويعتمد على مياه الجريان السطحي، وينمو طبيعياً وتمتد شجرة الأراك على الأرض لمسافات كبيرة، لكن هذه النبتة لا تدخل في إطار عملية إنتاجية يستهدفها المزارع اليمني فهي أشجار غابوية يمكن الاستفادة منها لمن يحترفون نزع عروقها وهي ليست منتشرة في اليمن فقط بل في آسيا وأفريقيا وفي المناطق القريبة من الأراضي اليمنية ,لكن الشجرة الموجودة في الأراضي اليمنية هي من أفضل الأنواع الموجود في العالم, ويعتبر الأراك من النباتات الهامة في حماية سطح التربة من التعرية المائية والهوائية هذا بالإضافة إلى ذلك فهو نبات رعوي هام ترعاه الجمال والماعز والأغنام, كما تعتبر أشجار الأراك مصدر غذاء لكثير من الطيور والحيوانات البرية.