التليجراف - بريطانيا:
حكم بريطانيا 53 رئيس وزراء في تاريخها منذ عام 1721، مقارنة بالولايات المتحدة التي يعد رئيسها الحالي باراك أوباما هو الرابع والأربعون منذ عام 1776. ومحاولة ترتيبهم بناء على الأفضلية تعد عملية صعبة للغاية، ولكنها في المقابل تكشف عن أفكار عظيمة بشأن أكثرهم تأثيرًا، وأكثرهم ضعفًا كذلك.
أفضل عشرة رؤساء وزراء في تاريخ بريطانيا استطاعوا جميعهم إحداث اختلافات كبرى في تاريخ البلاد؛ أشياء لا يستطيع أن يفعلها إلا قلة قليلة من القادة؛ فاللورد جراي على سبيل المثال استطاع أن يقضي على الرق، كما أنه كان مهندس قانون الإصلاح العظيم لعام 1832، وجاء في المركز العاشر، وسبقه ديفيد لويد جورج، الذي قاد بريطانيا إلى النصر في الحرب العالمية الأولى، بعد صعوده من خلفية متواضعة إلى قمة الهرم السياسي بخطاباته الرنانة وشغفه المحموم من أجل الإصلاح. أما كليمنت أتلي فقد عاصر دولة الرفاهية في حقبة ما عبد الحرب العالمية الثانية واستطاع أن يؤهل بريطانيا للمنافسة فيما بعد عام 1945، في حين حل سابعًا بنيامين ديزرائيلي الذي كان أكثرهم ثقافة على الإطلاق، وكان ناجحًا بصورة غير عادية في كل من السياسات الداخلية والخارجية على حد سواء.
وهناك رئيس وزراء وضع مصلحة البلاد فوق مصلحة حزبه فيما يتعلق بالاختلافات الدينية داخل المملكة المتحدة مع إيرلندا، وهو روبرت بيل، الذي ألغى كذلك القوانين المعيقة لتجارة الحبوب، في حين جاءت مارجريت ثاتشر في المرتبة الخامسة لدورها الحاسم في القيام بإصلاحات اقتصادية ودورها في حرب فوكلاند والمساعدة في إنهاء الحرب الباردة، وكذلك لأنها كانت أول امرأة تتولى هذا المنصب.
وجاء ويلبول قبلها في المركز الرابع لأنه كان أطول من خدم في هذا المنصب في التاريخ البريطاني لأكثر من عشرين عامًا، واستطاع أن يقوي منصب رئيس الوزراء. في حين أن جلادستون رئيس الوزراء الذي شغل المنصب لأربع مرات، كان عبقريًا في الإدارة المالية، كما أنه كان مصلحًا اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا، وكانت عثرته الوحيدة هو قانون الحكم الذاتي لأيرلندا، ولكنه كان خطأ بطوليًا أيضًا.
أما الأصغر على الإطلاق فكان وليام بيت، وجاء في المركز الثاني، فقد شغل المنصب وهو في الرابعة والعشرين من عمره، وقاد بريطانيا بكفاءة أثناء الحروب مع فرنسا، كما خدم لثاني أطول مدة بعد ويلبول، وهيمن على المشهد السياسي أثناء فترة من عدم الاستقرار في البلاد، واستطاع أن يضفي إصلاحات كبيرة على ميزانية البلاد. وقد جاء المركز الأول من نصيب وينستون تشرشل، الذي أظهر قيادة بطولية واستثنائية لبريطانيا عام 1940 خلال الحرب العالمية الثانية عندما واجهت البلاد أسوأ أوقاتها في الثلاثة قرون التي حكم فيها بريطانيا رؤساء وزراء.
الذين احتلوا ذيل القائمة كانوا إما تولوا هذا المنصب بالخطأ، مثل الإيرل روزبيري من 1894 حتى 1895، أو كانوا مرضى مثل إيرل بوتي من 1762 حتى 1763، أو ارتكبوا أخطاءً جسيمة.
ولم يرتكب أحد أخطاءً أكثر من اللورد نورث (الذي خسر حرب الاستقلال الأمريكية)، ونيفيل شامبرلين (بسبب عدم فهمه لهتلر في الثلاثينيات)، وأنطوني إيدن (بسبب سلوكه في أزمة السويس، و فاقمها بعد ذلك بالكذب على مجلس العموم.
الحصول على تعليم جيد كان ميزة كبيرة لرؤساء الوزراء، حيث تخرج 26 منهم من جامعة أكسفورد و14 من كامبردج. وبعض الرائعين، على الجانب الآخر، لم يذهبوا إلى أي جامعة على الإطلاق، بمن في ذلك ديزرائيلي، لويد جورج وتشرشل؛ فالتعليم الجيد وحده لم يكن أبدًا جواز سفر إلى النجاح، لو نظرنا إلى روزبيري، أرثر بيلفور وهارولد ماكميلان.
- أنطوني سيلدون