عمر إبراهيم الرشيد
ترى لو أن الدراما السعودية توزع حضورها على مدار العام أو معظمه على الأقل بدل أن تكون موسمية فكيف سيكون تأثيرها، وقدرتها على طرح المعضلات والظواهر الاجتماعية. في تقديري فإنّ مسلسل (سلفي) لهذا العام قدم حلقات صادمة، بمعنى وضع المرآة أمام المجتمع ليرى نفسه وتشريح بعض مشكلاته والحديث بصوت مرتفع بدل الهمس أو التورية. لعل الحلقة التي عرضت شيئاً من قسوة الحياة وشظف العيش والمجاعات التي مرت بالجزيرة العربية قديماً هي أقواها في نظري، لأنها رد على مظاهر البذخ الفج والتسابق المريض في الاستهلاك واستعراض البيوت والأملاك وغيرها ومعظمها من محدثي النعمة حقيقة. أداء الممثلين في تلك الحلقة كان معبراً يكشف إيمانهم بفكرة الحلقة والرسالة التي تود إيصالها للمتلقي، والممثل المخضرم محمد الطويان أثر في المشاهد حين بكى في أقوى مشاهد الحلقة. أما حلقة الفكر الإرهابي وتسلله إلى عقول بعض الشباب فإنها كذلك شبيهة بالتيار الكهربائي الذي ينفض الجسد دون أن يقتله، منبهة ومذكرة بما حدث من مآسٍ مشابهة، والطامة أن حادثة الحمراء المعروفة حدثت بعد عرض الحلقة بساعات. هنا تأثير الدراما متى ما كانت تتحدث عن واقع مهما كان مؤلماً، لأنّ بداية العلاج الاعتراف بوجود المشكلة وعدم دفن الرؤوس في الرمال.
الدراما هي امتداد للمسرح الذي هو أبو الفنون، ليست تسلية فجة أو تهريجاً، حتى الكوميديا أو الملهاة لها هدف ورسالة تريد إيصالها وإن كان عن طريق السخرية اللاذعة والضحك وهذا مطلب عز في وقتنا الحالي، إذ غلب التهريج بهدف الإضحاك بأي وسيلة على كثير من الأعمال مسرحاً أو سينما أو تلفزيوناً، وأتحدث بالطبع على مستوى الوطن العربي والخليجي، أما لدينا فالمسرح ومعه التلفزيون بحاجة إلى نقلة وعمل كبيرين. الحلقة التي عرضت لمسألة إغلاق المحلات والمرافق وقت الصلاة أيضاً اتسمت بهدوء الطرح مع قوة المضمون، مثل هذه الحلقات بكتّابها وممثليها ومخرج العمل تستحق الاحترام ودمتم.