محمد بن عبدالله آل شملان
اختار «المجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية» معالي وزير الخارجية في وطننا المملكة العربية السعودية الاستاذ عادل بن أحمد الجبير لجائزة (تحقيق الدبلوماسية) لعام 2016م.
جاء الإعلان عن اختيار معاليه خلال تقديم الجائزة له من قبل الرئيس المؤسس للمجلس الوطني للعلاقات العربية الأمريكية الدكتور جون ديوك أنتوني في واشنطن يوم الخميس 18 رمضان 1437هـ الموافق 23 يونيو 2016م.
وجاء اختيار شخصية معالي الاستاذ عادل الجبير الملقب بـ(المستشار القديم) لارتفاع منبر أفكاره وأطروحاته المتحمسة للرقي بالعلاقات وقيادته مسارًا سياسيًا خارجيًا باهرًا لوطننا المتفاهم المتفاعل.
نسيم السياسة الخارجية
كثيرًا ما يعطي معالي وزير الخارجية الاستاذ عادل بن أحمد الجبير، الشخصيات الاعتبارية في الدول الشقيقة والصديقة بجميع توجهاتهم الدينية والسياسية والحزبية فسحة للتأمل وشحذ الهمم لمواجهة التحديات الراهنة باستلهام معان مغايرة تمامًا، تدخل العقل الجمعي كي يمنطق مستجدات الواقع حوله في كل ما هو خير وأحسن وأشرف منها إلى أي اتجاهات معاكسة.
هكذا نحن أمام زاد معرفي ثري إذا أمعنا في تفكير الرجل السياسي في إطاره الكلي وجوهره الكلي، حيث إنه في مضمونه يمثل معطى سياسيًا يكسب منشطاتنا السياسية فهمًا واعيًا وشعورًا بالواجب اتجاه قضايانا وهمومنا وبقدرة على صياغة الحلول والمعالجات إشباعًا لمتطلبات الواقع واستجابة لتطلعات قيادة الوطن - أيدها الله -.
الرجل لا يحب الضجيج ولا إحراق المراحل، إنه وفي صعود هادئ يرنو إلى أحداث الصالح العام الخارجي والصواب النافع للأمة من دون جعجعة كما يحلو لآخرين، يريدها سياسة خارجية بيضاء تشبه النسيم في هبوبها. وكل ما تتحقق من مكاسب وإنجازات يجب أن يتم تنفيذها بحكمة وهدوء وصبر. وليس غريبًا هذا السلوك بأبعاده ووطنية مقاصده وفكره الصائب، فهو فطرة رجل تربّى على العلاقات الاجتماعية المنتظمة والتقاليد الأصيلة وعلى محبة العمل بهدوء والشعور العميق بالكرامة والعزة، دبلوماسي رشيق، معتدل في تقدير الأمور، دائمًا يميل إلى التروي والتبصر في جميع مسؤولياته، يمقت النزق والشطط والمبالغة في التعاطي مع المواقف والظروف، لا يدع مجالاً للارتجال، يحلل كل شيء بدقة ويعطيه وقته الكافي للدراسة، إن من ينظر إلى تاريخ الرجل يرى أنه رجل فهم وعمل، تدفعه الرغبة وروح المسؤولية إلى خدمة وطنه وقيادته وأمته العربية والإسلامية، وإذا كانت المحطات في حياته قد تطورت سريعًا، فهو ليس مدينًا بهذا التطور السريع إلا لما يمتاز به من جدارة واستحقاق تام تام.
رجل المرحلة
معالي وزير الخارجية الاستاذ عادل بن أحمد الجبير يمكنني القول بفخر واطمئنان شديد إنه قد بات ضمن «هوية الوطن» و«مغذيات الاعتزاز» لدى أبنائه والساكنين بين حدوده به، فأنا لا أكاد أذكر الإنجاز والاستحقاق ذاك إلا وتمطر ذاكرتي منحه عام 1984م وسام جامعة شمال تكساس نظير تحقيقه إنجازات مميزة في مجال تخصصه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية في شهادة الماجستير، وأسهم مساهمات كبيرة لمجتمعه، إضافة إلى ذلك، منحته الجامعة دكتوراه فخرية. وهو مؤشر موهبة.
ولم يكن مشواره في السياسة الخارجية محاطًا بدوي الطبول وبريق الأضواء أو بالضجيج.. بل كان هادئًا كالنسيم.. وتدرج في مختلف المناصب.. وبخطى واثقة يواصل صعوده الهادئ بإرادة وطنية لتسنم وزارة الخارجية وتحمل رسم مساراتها في أخطر مرحلة يمر بها العالم..! إنه الصعود والارتفاع الذي ليس للذات، ولكنه الصعود بسياسة الوطن الخارجية إلى مدارج الاستقرار والاطمئنان..!
في عام 1986م، وظفه السفير السابق للوطن في أمريكا الأمير بندر بن سلطان كمساعد له لشؤون الكونغرس وفي الدائرة الإعلامية التابعة للسفارة. في عام 1990م ظهر للعالم بوصفه الناطق بلسان سفارة خادم الحرمين الشريفين لدى أمريكا حتى صيف عام 1994م، حينها انضم إلى الوفد الدائم للمملكة في جمعية الأمم المتحدة، وفي عام 1991م إبان حرب تحرير الكويت، ظهر الجبير لأول مرة أمام الإعلام العالمي معبرًا عن مواقف المملكة ولاحقًا عمل عضوًا في البعثة السعودية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وكان بين عامي 1994-1995م زميلاً دبلوماسيًا زائرًا في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، وفي عام 1999م عاد إلى السفارة السعودية في واشنطن للإشراف على إدارة المكتب الإعلامي في السفارة، وفي عام 2000م، تم تعيينه مستشارًا خاصًا لشؤون السياسة الخارجية في ديوان الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد آنذاك. ثم عُين مستشارًا في الديوان الملكي إلى أن أصدر قرار عام 2005م، بتعيينه مستشارًا في الديوان الملكي بمرتبة وزير. وفي عام 2007م، صدر أمر ملكي ليكون سفيرًا للمملكة لدى أمريكا. وكان له دور فعال في إنشاء والمحافظة على الحوار الاستراتيجي الأمريكي السعودي، التي بدأها الملك عبدالله والرئيس بوش.
وأصبح واحدًا ممن أسهموا في جلب التَّميز والتفرّد في وجه الحياة السياسية الخارجية الأمريكية الذي وجَّهها إلى مسارها الجديد المعاصر. وعلى مدى سنوات اجترح الجبير مواقف محورية، كانت فاصلة في سِفْر القطار الخارجي الأمريكي ومحطاته المتتالية. حتى تعيينه في العاشر من رجب 1436هـ الموافق 29 أبريل 2015م من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وزيرًا للخارجية خلفًا للأمير الراحل سعود الفيصل -رحمه الله- وأسكنه فسيح جناته - .
هِبَة نجاح
إجادة الجبير للإنجليزية والألمانية بطلاقة منحته مع تمكنه البالغ من ناصية الحوار إعجاب الجميع حتى معارضيه، فهو يحرص كل الحرص على إلقاء المحاضرات أمام الجامعات والمعاهد الأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية، كما يظهر في وسائل الإعلام في عدة مناسبات بالشكل الأنيق المتألق. كان منطقه فيها استعراض الأفكار واستخلاص الحلول والاستنتاجات والتحديات المفروضة والقائمة. التي لا تقف عند الحاضر، بل تسبر أغوار المستقبل. وتتضح مهارات الجبير في عرض القضايا نيابة عن قيادة وطنه من كونه المسؤول الذي أعلن بدء حملة الضربات الجوية التي تقودها المملكة على قوات الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن يوم الخميس 6 جمادى الآخرة 1436هـ الموافق 26 مارس 2015م، وقال الجبير للصحافيين في لقاء معهم بالسفارة، «نحن نرى... أن إيران تلعب دورًا كبيرًا في دعم الحوثيين». وأطل علينا معلنًا رفض وطنه امتلاك إيران القنبلة النووية، ففي مقابلة مع قناة سي. إن. إن. قال الجبير: إن الكل يريد حلاً سلميًا لبرنامج إيران النووي لكن يجب أن يكون اتفاقًا جادًا ومتينًا يمكن التحقق من صحته، ونحن نشعر بالقلق أيضًا لتدخل إيران في شؤون الدول الأخرى في المنطقة سواء في العراق أو سورية أو لبنان أو اليمن وغيرها.
وقال في أحد المؤتمرات الصحفية الخاصة بمستقبل سوريا: إن الحل السياسي الوحيد الممكن في سورية «هو بالعودة إلى مقررات (جنيف - 1) عبر عملية انتقالية تشمل صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تؤدي إلى حكومة منتخبة لا تضم بشار الأسد.. وأن على الأسد التنحّي جانبًا، لتسهيل الحل السياسي، إِذ لم يعد له دور في مستقبل سورية لأنه فقد شرعيته بقتل مئات الآلاف وتشريد ملايين السوريين».
وقال في المؤتمر الصحفي الذي عقده في الرياض مع نظيره البريطاني فيليب هاموند: «المملكة لبت جميع احتياجات الإيرانيين بالكامل، لكن إيران رفضت التوقيع»... «المملكة لا تمنع أحدًا من أداء فريضة الحج أو العمرة، وفي كل عام يتم التفاهم والتشاور مع الدول يتم بنتيجتها توقيع مذكرة مع أكثر من 70 دولة تحدد من خلالها الإجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة حجاج بيت الله الحرام».
ومن المواقف التي برز فيها اسم الجبير عام 2011م عندما اتهمت الولايات المتحدة إيرانيين اثنين بالتآمر لاستئجار قاتل محترف لاغتياله بقنبلة في أحد المطاعم.
ووجدناه كذلك ناجحًا في مسارات نفى صفة الإرهاب عن الإسلام بجهوده ورؤيته وأفكاره المتطورة بعد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر 2001م في الولايات المتحدة التي تبنت مسؤوليتها القاعدة.
تفوق وطن
نشعر بفرح، ونحن نشاهد هذا التَّميز لقامة من قامات وطننا (معالي وزير الخارجية الاستاذ عادل بن أحمد الجبير) لأنه يتكلم باسمنا ويعمل من أجلنا ويجتهد لرفعة راية وطننا، نسعد لهذا الإنجاز لأنه يضيف إلى رصيد وطننا الكبير (المملكة العربية السعودية) من المجد والسؤدد رقمًا مختلفًا، جديدًا، ناصعًا، بشهادة الآخرين الذين هم مقياسنا ومرآتنا، الذي يحرص بخطى يسابق الزمن على نشر قيم الأصالة والتعايش والتسامح وبث الطاقة الإيجابية والأمل والعدل وإزاحة الظلم منذ تأسيسه على يد موحده الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -وفَّقه الله- وألبسه لباس الصحة والعافية -، وتُضاء شمعة ذهبية في دروب تكريمها التي أضاءت دروب إنسان الدول الإسلامية والعربية بشكل خاص والعالم بشكل عام. ولتهنأ الجائزة بمعالي وزير الخارجية الاستاذ عادل بن أحمد الجبير، وليهنأ الوطن به.