عبد الله باخشوين
.. في حديث: (أين حقي) الذي تشعّب بنا في شوارع عٌمان في سيارة يقودها المهندس ماجد عبدالله الزهراني ابن شقيقة زوجتي.. وتصدرها إلى جواره الدكتور عمر مشعبي وكيل الوزارة وأمين مدينة الطائف لفترة تجاوزت العشر سنوات.
أخذنا نستمع للدكتور ميسرة طاهر الذي جلس بجواري في المقعد الخلفي.. وكان يتحدث عن قدومه للمملكة من مخيم اليرموك بدمشق التي تخرج من جامعتها يقول كانت تلك من أصعب الأيام التي توجت تجربتي في المملكة.. فقد كان عقدي مع جامعة (أم القرى) يتطلب مني الانتقال بين مكة المكرمة وجدة بشكل يومي تقريباً.. وأنا أب لأسرة وعلى رأس خمس شقيقات جميعهن في جدة.. الأمر الذي يصعب معه الانتقال للسكن في مكة.
غير أن ما لفت انتباهي وادهشني هو الطريقة التي يتعامل بها الطلاب خلال فترة اقتراب موسم الحج. .فهم (جميعاً) تقريبا يقدمون اعتذاراً عن الاستمرار في دراسة ذلك (الفصل). و..
- ليه يا شباب..؟
- موسم الحج يا دكتور..!!
- طيب وهو موسم الحج يمنع الطلبة من الدراسة..؟
- لا.. لكن هذا موسم رزقنا..؟!
وفهم منهم أنهم يتفرغون في موسم الحج للعمل على خدمة الحجاج.. وكل حسب عمل عائلته السنوي في الحج.. فمن والدة (مطوف) وتعمل عائلته في الطوافة ومستلزماتها من خدمات في الإعاشة والنقل وغيرها من الأمور الحيوية التي يتطلبها تسهيل مهمة أداء الحاج لفريضته.
قال.. وفتحت عيني على سعتها وأنا أسمع أحد الطلبة يقول ساخراً
- خلينا نشلح الحجاج ونرجع..!!
وهي مبالغة يراد بها القول إن الحجاج هم مصدر الرزق الذي بعثة الله لنا.. وهو يعين الكثير من العوائل لعام كامل تقريباً تلك التي تعمل في الطوافة.
ويختم الدكتور حديثة قائلاً:
فهمت أن موسم الحج عند البعض أهم حتى من الدراسة.
وبالعودة لواقع الحال.. فإن موسم الحج بعد أن ينتهي.. تتوقف وفود الراغبين في العمرة - رسمياً - وتفتح بعد ذلك في (أشهر معلومات) هذا العام وفي هذا الشهر الكريم الذي يوافق الإجازات المدرسية.. ازدحمت فنادق مكة المكرمة.. ومن المعتمرين العائدين تسمع عبارات الاستحسان:- يا أخي والله شيء يسر الخاطر ويشرح الصدر.. كل الفنادق يديرها شباب سعودي.. بدءا من الذي يستقبلك لحمل حقائبك عند وصولك وحتى من يخدمك.. ومن يقدم الطعام ومن يطهو الطعام.. كله. .كله شباب سعودي.. ثم وأنا أسمع من يقول مثل هذا الكلام.. جال في خاطري كلام الأمير محمد بن سلمان.. بأن موسم العمرة سوف يكون على مدار العام وبدلاً من العدد الحالي الذي لا يزيد على سبعة مليون معتمر.. سوف يصل العدد إلى مالا يقل عن ثلاثين مليون.. وبالعودة لما سبق أخذت أتخيل طبيعة حجم فرص العمل التي سوف تتاح للشباب السعودي.. كوظائف ثابتة طوال العام وليس مجرد فرص موسمية تستغل لجني القليل من المال.. لأن موسم الحج والعمرة.. هو شيء يمكن أن نطلق عليه بلغة الاقتصاد عبارة:
- نفط دائم.. لا يمكن أن يتوقف حتى نهاية الزمان.. ولا يمكن أن يتغير موقعه حتى نهاية الزمان أيضاً.