يعتلي خلق الكرم والجود قمة القيم الأخلاقية في السيرة النبوية العطرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، فالكرم هو الإعطاء بسهولة والكريم من يوصل النفع بلا عوض، والجود هو سعة العطاء وكثرته. ولما كان الله تعالى قد جبل نبيه صلى الله عليه وسلم على أكمل الأخلاق وأشرفها وأفضل السجايا وأكملها كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس كلهم بشهادة الأباعد والأقارب.
وكان جوده صلى الله عليه وسلم يجمع أنواع الجود من بذل للعلم والمال وبذل نفسه لله تعالى في إظهار دينه وهداية عباده وإيصال النفع إليهم بكل طريق من إطعام جائعهم وتعليم جاهلهم وقضاء حوائجهم وتحمل أثقالهم. ولم يزل صلى الله عليه وسلم على هذه الخصال منذ نشأ كما شهدت زوجه خديجة رضي الله عنها أول مبعثه: كلا والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتقري الضيف وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتعين على نوائب الحق. ثم تزايدت هذه الخصال فيه بعد البعثة وتضاعفت أضعافاً. وهذه شهاداتهم متواترة في جوده وكرمه وأنه صلى الله عليه وسلم (كان أجود بالخير من الريح المرسلة)، وأنه (كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر)، وأنه ما سئل عن شيء إلا أعطاه، وما سئل على الإسلام شيئا قط فقال: لا، بل كان كثير العطاء بلا مسألة، وكان يعطي الشيء وهو محتاج إليه.
ومن كرمه عليه الصلاة والسلام أنه كان يعد بالعطاء في المستقبل وإن لم يملكه في الحاضر وهذا من كماله وسخاوة نفسه عليه الصلاة والسلام، ومازال كرام الناس يأتسون به في كرمه وجوده صلوات ربي وسلامه عليه.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود
adelalshddy@hotmail.com