تعتري مجتمعاتنا - كغيرها من المجتمعات الأخرى في هذا العصر تغييرات شتى، وتطورات متلاحقة؛ وباتت الأحداث المتسارعة والمخاطر المستمرة، تتهدّدها على أصعدة مختلفة وخاصةً الجهاز الإداري بأية دولة: بيئةً وفقرًا وجوعًا, وبوصفنا جزءًا من هذا العالم؛ يتحتَّم علينا المشاركة الفاعلة، وإيجاد المبادرات المنظّمة لمجابهة تحديات هذه التغييرات؛ أولاها العمل الجماعي، وتبني أفكار جديدة لخدمة المجتمع، عبر معادلة (الشراكة والموارد والنتائج لصالح المجتمع) حتى تظهر الجهود، ويستبين التطور المتلاحق في هذا الشأن؛ ما يدعو لضرورة انتخاب موظفين وموظفات في العديد من مؤسَّساتنا وهيئاتنا الحكومية؛ لإدارة ملف المسؤولية الاجتماعية، التي يقول عنها العالم الأمريكي المعروف في هذا الخصوص دانيل فرانكلين إنها: «الآن الاتجاه السائد، بعد أن كانت استعراضًا لفعل الخير في السابق. إلا أن عددًا قليلاً من المؤسسات يمارسها بصورة جيدة» - حتى يتمكّنوا من مفاصل الهيكل الإداري بشكل عملي ونظري وعلمي؛ استنادًا إلى مهارات شخصية وخبرات مهنية، وجدارات وظيفية، ذات جودة وتميّز وتخطيط إستراتيجي، تكون على أهبة الاستعداد لتوصيل هذه الفكرة إلى مجتمعاتنا.
ونظرًا لأهمية الاستفادة من الكوادر المتاحة المتنوعة لقيادة المرحلة المقبلة التي تتطلب مزيدًا من التكاتف والتفاني واستثمار كل مورد بشري متاح للارتقاء بأعمال وخدمات هذه الوزارات والهيئات والدوائر الحكومية وتفعيل المبادرات والبرامج والمشاريع الحيوية المنوطة بها في إطار تحقيق رؤية المملكة 2030م وبرنامج التحول الوطني.
نتصور أن إدارة ملف المسؤولية الاجتماعية فيها؛ للتنمية والمحتوى المعرفي لمجتمعاتنا وتعزيزها، من ابتكار وإنتاج برامج تشاركية وخلق مبادرات في مجال المسؤولية المجتمعية ومجال الاستدامة، والتطوع، ونشر الوعي البيئي جودةً وتنفيذًا - تجب أن تناط بمن لديهم استعداد فطري وطبيعي، ترافقهم منذ نشأتهم على مشاعر الودّ، النابع من القلب، وممن لديهم الانسجام والتوافق التام بين العقلانية الاقتصادية والأخلاقيات؛ وكذا مزيّة القدرة على العطاء، بالعمل بجدارة وامتياز؛ ومَنْ لديهم شبكة واسعة من العلاقات والتواصل والتفاهم المجتمعي؛ وحيازتهم التفهم لموضوع المسؤولية المجتمعية؛ لأنهم ساعتها سيكونون الأنسب، والأوفر حظًّا لشغل هذه المسؤولية الوطنية؛ لنقل هذه المفاهيم إلى زملائهم في الوزارات والهيئات، التي يعملون فيها، جنبًا إلى جنب مع تحمُّل المسؤولية الوطنية كأفراد تجاه المجتمع.
ولا ننسَ الجانب التحفيزي لمضاعفة جهودهم؛ حيث إن داخل كل منّا حدودًا معينة من الطاقة؛ يعطيها بدافع من المسؤولية والقيام بالعمل المطلوب, وقدرًا أكبر من الطاقة، يستطيع الموظفون المحفَّزون والمبدعون، إخراجها بسعادة, من أجل مضاعفة نجاح وزاراتهم أو هيئاتهم أو مؤسّساتهم وفي القلب من هذا كله مسؤوليتهم الاجتماعية المبنية على مسؤوليتهم الوطنية.
- أخصائية نفسية
kholoud.alsh@outlook.com