جاسر عبدالعزيز الجاسر
لم يكن الذين رفعوا دعوى الاعتراض على ترسيم الحدود البحرية الذي وقَّعته مصر مع المملكة العربية السعودية، يستهدفون الاتفاقية ولا يهمهم ملكية تيران ولا صنافير، بقدر ما يهدفون إلى إحراج العهد المصري الجديد؛ وبالتحديد الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي لم يجدوا ما يواجهونه به سوى اللعب على عواطف الشعب المصري، فالذين قدّموا الاعتراض على الاتفاقية للمحكمة الإدارية وهم من تيارين سياسيين متباينين فكرياً وحَّدهما عداؤهما لنهج عبدالفتاح السياسي الذي ألغى الاستغلال الديني والقومي للمصريين، فهؤلاء يعرفون أن الجزيرتين سعوديتان بالوثائق وبالخرائط، وأن مصر طلبت من المملكة العربية السعودية منذ عهد الملكين عبدالعزيز بن عبدالرحمن وفاروق - رحمهما الله- التواجد فيها بعد استيلاء إسرائيل على أم الرشارس المصرية التي سُميت بعد ذلك بإيلات بعد تحويلها إلى ميناء إسرائيلي على البحر الأحمر بجوار ميناء العقبة الأردني.
المصريون وبخاصة المتخصصون من أساتذة القانون الدولي، وقانون البحار وأساتذة الجغرافيا، وكبار ضباط المساحة العسكرية والكتّاب المتخصصون جميعهم يعلمون بملكية المملكة العربية السعودية لهاتين الجزيرتين، وإذا كانت الجهات الرسمية المصرية قد تأخرت في الكشف عن هذه الوثائق والمستندات الرسمية التي تؤكّد هذه الملكية، وأنها لم تقدّمها إلى المحكمة الإدارية العليا التي أصدرت حكماً أولياً ببطلان اتفاقية الحدود، فإن ذلك يعد إهمالاً أو حتى تلكؤاً ينعكس سلباً على سمعة الدولة المصرية ولا يثبت حكماً من السهل جداً نقضه بعد أن يتم تقديم الوثائق التي تملكها الدولة المصرية، وطبعاً تملكها وموجود أصلها لدى المملكة العربية السعودية، وقد قدَّم الكاتب الصحفي المعروف والنائب في مجلس النواب المصري مصطفى بكري هذه الوثائق والمستندات في كتاب مهم طرح في السوق المصرية، وأن هذه الوثائق من السهل عرضها وتقديمها للشعب المصري وخصوصاً في برامج تلفزيونية من خلال محطات مشاهدة، كالعربية والإم بي سي، والمحطات الفضائية التي يهمها أن لا ينظر العالم إلى الدولة المصرية بأنها لا تحترم الاتفاقيات التي تبرمها مع الدول الأخرى وأن مجالاً لتصفية حسابات بين التيارات السياسية التي يحركها ويقودها للأسف حالياً في مصر شخصيات انتهازية يعرفها المصريون جيداً.