د.علي القرني
تلعب هذه الأيام بطولة ويمبلدون للتنس في ضاحية ويمبلدون في لندن، وهي من كبرى البطولات العالمية وأعرقها في التنس الأرضي، وتاريخها بدأ قبل 139 عاماً؛ أي أن أول بطولاتها كانت عام 1877م. وتعد بطولة ويمبلدون من أهم البطولات الأربع في العالم إلى جانب بطولة الولايات المتحدة الأمريكية US Open التي انطلقت من نيويورك عام 881م، وبطولة رولان جاروس (بطولة فرنسا المفتوحة) التي انطلقت عام 1791م، وبطولة أستراليا المفتوحة بدأت عام 1905م. وهذه البطولات الأربع هي البطولات الأكثر شعبية والأعرق تاريخاً والأهم في حصد نقاط التصنيفات الدولية للاعبين.
كما أن مجموع الجوائز المقدمة في هذه البطولات تعد الأعلى في بطولات التنس، حيث وصلت جوائز ويمبلدون العام الماضي 2015م إلى 28 مليون جنيه إسترليني أي حوالي مائتين مليون ريال تقدم للاعبين والفائزين في الدورة الواحدة. أما بطولة الولايات المتحدة فتبلغ جوائزها حوالي مائة وأربعين مليون ريال في العام الماضي على سبيل المثال، وقريب من ذلك مجموع جوائز بطولة فرنسا المفتوحة مائة وأربعين مليون ريال، أما جوائز بطولة أستراليا المفتوحة فبلغت هذا العام أكثر من مائة وعشرين مليون ريال.
وتحظى هذه البطولات بتغطيات إعلامية عالية في مختلف الدول، وأقل هذه التغطيات تذييل نشرات الأخبار في كل تلفزيونات العالم بأخبار هذه البطولات ونتائج مبارياتها في كل يوم من أيام هذه البطولات، التي تمتد كل بطولة إلى حوالي أسبوعين. وكل بطولة تعد دولة بذاتها في التنظيم والقوانين وكافة الأعمال اللوجستية التي تتطلبها البطولة، من مئات الحكام إلى آلاف المنظمين، والى حشود إعلامية كبيرة تأتي لمتابعة جداول المباريات، وتراقب الخطط والتكتيكات للاعبين والمباريات. وكل بطولة أشبه بكأس العالم لكرة القدم، باختلاف أن بطولات التنس هي أربع كؤوس عالمية في نفس العام وسنوياً، حيث تبدأ أول هذه البطولات أستراليا المفتوحة في شهر يناير من كل عام، تليها بطولة رولان جاروس (فرنسا المفتوحة) في شهر مايو، ثم ويمبلدون في نهاية يونيو وبداية يوليو من كل عام، وآخر البطولات الأربع هي بطولة الولايات المتحدة في شهر أغسطس من كل عام.
وسبب عرضي لهذا المقال عن التنس الدولي هو ما ألاحظه من سنوات عن غياب اللاعب العربي عدا بعض اللاعبين الذين سجلوا حضوراً فقط وليس بطولات أمثال يونس العيناوي من المغرب، وأفضل مستوى له وصوله إلى ربع النهائي في بطولة أمريكا المفتوحة عام 2002م. وهناك هشام ارازي من المغرب، حيث وصل إلى ربع النهائي في فرنسا المفتوحة عامي 1997 و1998م وأستراليا المفتوحة عامي 2000م و2004م. وثالث اللاعبين العرب هو كريم العلمي، حيث احتل ترتيبه عام 2000م المركز 25، وفاز على بطل العالم سامبراس عام 1994 في بطولة الدوحة المفتوحة. وعدا هولاء يوجد قلائل جداً من اللاعبين العرب، وربما هؤلاء الثلاثة هم أبرزهم، وجميعهم من المغرب، أما باقي الدول العربية وبخاصة دول المشرق العربي فلم ينجح أحد.
وإذا نظرنا إلى أهم أسواق اللاعبين واللاعبات الدوليين فسنجد إضافة إلى أوروبا وأمريكا وأستراليا دول في أمريكا الجنوبية كالأرجنتين ودول في جمهوريات وتوابع الاتحاد السوفيتي سابقاً مثل روسيا وأوكرانيا ورومانيا والتشيك وكرواتيا والصرب، إضافة إلى دول آسيوية كاليابان والصين والهند. أما الدول العربية فتسجل غياباً شبه تام في البطولات الدولية. والسؤال هو لماذا؟
وهذه الإنجازات الوطنية التي يرفع فيها لاعبون دوليون إعلام دولهم في محافل دولية كبرى مثل البطولات الكبرى الأربع، ليست تجميع لاعبين والزج بهم في ملاعب التنس، ولكنها بطولات أجيال. وإذا أرادت دولة أن تنهض برياضة التنس فيجب أن تعمل على صناعة جيل كامل من اللاعبين من سنين مبكرة قد تبدأ من خمس وست سنوات وعشر واحد عشر سنة، بمعنى أن المدرسة والجامعة والأسرة يجب أن تعمل معاً في إخراج جيل من الأبطال. واستغرب حقيقة ماذا يقدم مثلاً الاتحاد السعودي للتنس، وباقي الاتحادات الوطنية العربية للتنس من جهود لنهضة رياضة التنس في بلدانها ؟؟ أتوقّع الكثير من البهرجة الإعلامية والقليل جداً من النتائج..