جاسر عبدالعزيز الجاسر
كما الأعياد مناسبة للتمتع بالفرح والسعادة والمسلمون اليوم يفرحون بأدائهم فريضة الصوم أحد الأركان المهمة في الإسلام، وبالتالي فإن فرحة عيد الفطر المبارك والتمتع بأيامه الثلاثة هي بمنزلة هدية من الخالق لعباده الذين أدوا الفريضة وصاموا الشهر وامتنعوا عن ارتكاب الذنوب عسى أن يستمروا على الالتزام بما قاموا به في الشهر الفضيل بالامتناع عن ارتكاب الذنوب ما علم منها وخفي، إلا أننا كمسلمين كافة نستعيد عيد الفطر المبارك والكثير من البلدان الإسلامية تعيش أوضاعًا مأساوية بسبب تفشي الحروب والفتن الطائفية والجرائم الإرهابية، والمؤلم أن مرتكبي هذه الأعمال الإجرامية الإرهابية ومفجري الفتن الطائفية نفر يزعمون انتماءهم للمسلمين واعتناقهم للإسلام، والإسلام بريء منهم، لأن من يقدم على مثل هذه الأعمال لا يمكن أن يحسب على الإنسانية فكيف يدعي انتماءه للإسلام، دين الرحمة والسماحة الذي يدعو للألفة والمحبة.
كيف ينسب أمرؤ نفسه إلى الإسلام وتدعي الجماعة أو التنظيم الإرهابي الانتماء للإسلام والدفاع عنه وتتسبب في اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان بارتكاب أبشع جريمة استهداف المسجد النبوي الشريف وفي يوم 27 من شهر رمضان إزهاق أرواح 250 مسلمًا عراقيًا في حي الكرادة في بغداد، بما يبرر هذا المجرم مقتل هؤلاء المسلمين الصائمين في آخر أيام العشر الأواخر، هل يكفي القول بأنه إرهابي مجرم خارج عن ملة الإسلام؟
ماذا نقول عن الذين يقتلون المسلمين الصائمين في شبه جزيرة سيناء من المجندين المصريين الذي يؤدون واجبهم في الدفاع عن وطنهم؟
ماذا نسمي من ينشرون الرعب وينثرون القتل في وسط وشمال إفريقيا من تنظيمي «داعش» و»بوكو حرام» في ليبيا وتونس ونيجيريا والكاميرون ومالي؟
بماذا نسمي المجرمين الذين هاجموا أحد المطاعم في بنجلاديش لقتل أناس مؤتمنين جاءوا إلى ديار الإسلام للعمل أو السياحة وليس للقتال، ما ذنب هؤلاء اليابانيين والإيطاليين الذين قتلوا في دكا.
وما الذي اقترفه القتلى الذين سقطوا في مطار أتاتورك في إسطنبول بتركيا وأغلبهم من المسلمين في شهر رمضان الكريم ذنبهم أنهم ذهبوا إلى دولة إسلامية ليتمتعوا بقضاء الإجازة في ربوعها.
حتى شهر رمضان الكريم لم يوفره الإرهابيون ولم يتوقفوا عن ارتكاب الجرائم الإرهابية فوسعوا ساحات القتال وأراقوا الدماء في المملكة ولبنان وسوريا والعراق وليبيا ومصر وتونس واليمن والجزائر ونيجيريا والكاميرون ومالي وبنجلاديش، وهددوا بلادًا إسلامية آمنة بدول الخليج العربية والجزيرة العربية، وأضافوا إلى قائمة الدول التي تتعرض للإرهاب دولاً أخرى كانت آمنة كالأردن والكويت والمملكة العربية السعودية.
هذا حال المسلمين في هذا العصر ونحن إِذ نحتفل بعيد الفطر المبارك فإنما نعبر عن تمكسنا بديننا وبأننا نحتفل بهذه المناسبة الدينية الكريمة للتأكيد على عدم تأثرنا بما يقوم به السفهاء من بيننا الذين مع الأسف أصبحوا أدوات لأعداء الإسلام والمسلمين، وهم قد حولوا أفراح بعض أسر المسلمين إلى أحزان إلا أن المسلمين جميعًا سيواصلون فرحهم وعيشهم وتصديهم بإيمانهم للأفكار الضالة التي يعمل زمر الفتن الطائفية وجماعات الإرهاب على نشرها.