كوثر الأربش
كل عام وأنت بخير، كيف كان عيدك؟ أين قضيته؟
هل اعتمرت على رأسك شماغك الإنجليزي الجديد؟ عرفوا أنك سعودي؟ انتبه يا صديقي فإنهم سوف يرفعون سعر تهذيب ذقنك، سوف تشتري القميص بضعف السعر الذي يشتريه سائح آخر، ربما ضعفين. العائلات سوف تحذر من الجلوس بقربك في المقاهي والمطاعم، لئلا تتحرش ببناتهم، لصوص الحقائب سوف تلمع أعينهم عليك في الظلام. سوف تكون عرضة للتعسف الإجرائي في الجمارك أو نقطة تفتيش الأمتعة. سوف تُستدرج لصفقات تجارية مشبوهة أو وهمية. أو يتم اختطافك كما حدث لرجل الأعمال حسن علي أحمد في مصر. سيتهمك أحد العرب، ربما جارك العراقي أو شقيقك السوري بشرب بول البعير و تفخيخ مؤخرتك. لأنك سعودي قد تتعرض لكل هذا.. وأكثر
كل عامٍ وأنتِ بخير، كيف كان عيدكِ، أين قضيتيه؟
هل حملتِ حقيبتك الثمينة، وتمشيتِ في أحد المولات التي تحبينها، أطلت عيناك الطيبتان من بين دفتي النقاب، عرفوا بأنكِ سعودية؟.
كوني على حذر، سوف تصلين لأقرب مشوار لكِ بضعف ما تصله سائحة أخرى، سيلاحقك الباعة الجوالة لترويج الخردة على أنها مشغولات يدوية نفيسة. صالونات التجميل سوف تجفف رصيدك، فتدفعين تمامًا ما تدفعه عائلة كاملة في صالونات الرياض التجميلية. امرأة أخرى ستقص شعرها، بنصف ما قصصتِ به شعرك. وفي أحسن الأحوال ، قد تسألكِ زميلة على الكرسي المجاور: مازلتن لا تقدن السيارة؟ اللهم الطف بحالكن! وفي أسوأها سيكمن لكِ حاقد في الزقاق ويسدد لجسدكِ 16 طعنة، كما حدث لناهد الزيد.
لأننا سعوديون، فإننا متطرفون، أو أثرياء سُذّج، أو متحرشون خطرون، أو سيدات مضطهدات، أو أطفال لا يتبعون الأنظمة. بربكم.. بربكم من الذي لوّن أخضرنا بالأسود القاتم؟ من الذي فتح داره وقلبه للجار والشقيق، حين يغدر به الزمان كالسعودي؟ لبنان وفلسطين وسوريا ومصر وقولوا معي من؟ من الذي هب لنصرة البحريني على مد الصفوييين صُنّاع الدمار، مضحيًا بروحه إلا السعودي؟ من الذي احتضن الكويتي، ودونما مِنّة، آخاه واقتسم معه داره ولقمته، كما فعل الأنصار قبل ألف عام؟ من الذي لم يدخر جهدًا ولا مالاً لمد يد العون لهم؟ من الذي وقف على الحدود، تاركًا بيته وعياله، نائما في عراء الموت، متخففا من كل شيء إلا من رجولته وإيمانه بربه وبوطنه كالسعودي؟ من الذي إذا جاءه الضيف نسي فاقته ونعاسه وانشغالاته، ثم بذل كل شيء، كل شيء ليشعر الغريب أنه بين أهله، من غير السعودي؟ من الذي اجتمعت وحوش الظلام، ونثرو دماء أحبته على رصيف الطرق، ونقاط التفتيش، وتحت سقوف المساجد، وبقي متشبثًا بالوحدة، صارخاً بضرورة التلاحم، ساعيًا لأيدي الجميع بالسلام والمصافحة غير السعودي؟ من الذي حين غرقت جدة بالسيول قذف بنفسه لانتشال الغرقى؟ في مكة 2007 من التي احتوت الإخوة المتنازعين (حماس وفتح) على إحدى طاولات الحوار في مكة غير السعودية؟ من دعم الأقليات المسلمة فكريا وتعليميا، حتى في الصين؟ من التي دعمت ميزانية «الأونروا» لدعم اللاجئين الفلسطينين التابع للأمم المتحدة؟ إن لم يكن هذا كافياً ليعرف العالم أن ذلك الإرهابي الذي فجر نفسه في الأبرياء، ليس كل السعوديين، وأن الذي تستغله جيوب التجار والمحتالين، أو يتحرش بامرأة، أو يجهل الانضباط بقوانين المرور وبروتوكولات الحياة الاجتماعية، هؤلاء ليسوا كل السعوديين. إذا أراد العالم أن يعرف السعودي، السعودي المثابر، المنضبط، الكريم، العبقري، الموهوب، الخيّر، المملوء بحب الله والآخرين والحياة، رغم كل ما يحيطه من صعوبات. من أراد أن يعرفنا، فليغلق أذنيه عما يروجه الإعلام المعادي، من تضخيم لمشكلاتنا التي يوجد مثلها وأضعافها في كل العالم، ليفتش من الذي يحاول شيطنتنا، مخفيًا محاولاتنا المضنية لأن نتخطى أنفسنا ونتجه لتطوير إمكاناتنا، ولتصحيح أخطائنا. ليفتش عمن وراء داعش، من وراء استهداف شبابنا وزجهم في واجهة الدمار؟
عمومًا.. أيها السعودي، أيتها السعودية:
لنعلم أن تصحيح صورتنا أمام العالم، مسؤولية الجميع..كل عام وأنتم بخير..