رقية سليمان الهويريني
ما إن يحل العيد حتى يبرز بيت الشعر الشهير للمتنبي:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ!
رغم حلول عدة أعياد على المتنبي وغيره كانت جميلة وسعيدة، إلا أن اجترار الحزن سمة عربية! وربما لو كان بيننا لما نظم قصيدته الشجية وهو يعيش ظروفاً شخصية، ولتبدلت رؤيته لوضع عام بعد أن يرى أصعب منها.
وما عايشناه في الشهر الكريم وقبل حلول عيد الفطر من تلك التفجيرات التي استهدفت الآمنين في المساجد، يعد أسوأ ما مرّ بنا من أشكال العنف والإرهاب في الأماكن التي ينبغي أن تكون أكثر الأماكن أمناً.
والحق أن عيد وطننا سعيد باستقراره، مفرح بتلاحم القيادة مع الشعب بتوفر حياة من الرغد والأمن بحمد الله لولا منغصات بدأت في شهر رمضان كانت بأيد آثمة من بعض أبناء الأمة الذين لا يخلو منهم أي مجتمع سليم.
ولا يعني وجود تلك الشراسة في التفجيرات وتلك الغمامة المؤلمة التي تغطي سماء الوطن العربي ولسنا بمعزل عنه أن نوقف الفرح في حياتنا، فاستمرارية الحياة تستوجب وجود فاصلة فرح نمارس فيها الخروج من دائرة الحزن التي تحيط بنا ونحن نرى مشاهد الدم وفجائع الفقد.
ومفردة عيد تعني الفرح بلا تفسير ولا تبرير، مما يعني أنه مطلب شرعي واجتماعي ونفسي يأتي ويمضي، ومن فرح فيه فقد تعامل معه كما ينبغي له، ومن رفض ومارس الحزن فإن حزنه لنفسه، ولن ينتظر العيد حتى تنجلي سحابة الحزن، بل لا بد أن نساهم بإزاحتها لكي نفرح سوياً مهما عكرت المصائب صفو حياتنا.
والفرح بالعيد شعور وإحساس نقي لا يتطلب جهداً أو تكلفة رغم ما ألبسه الناس من مظاهر وشكليات جعلته عبئاً وضيفاً ثقيلاً، ويوماً يحمل طابع المجاملة أكثر من التلقائية والسلام الداخلي الذي ينبغي أن ينعكس على هيئة الإنسان وسحنته وتصرفاته.
وكل عيد إن شاء الله ووطني بخير ويرفل بالأمن والاستقرار.
وكل عيد وجميع بلدان العالم يعم فيها السلام.
وكل عيد والصفاء يسود القلوب ويسكن النفوس.
وكل عيد وصحيفتنا «الجزيرة» في تقدّم وازدهار.
وكل عيد وقراء (المنشود) سعداء، وهم في قلبي ومشاعري ولهم امتناني على المتابعة والتعليق على ما أكتبه.