ميسون أبو بكر
كل عام والوطن أنتم قرائي الكرام..
الوطن قلب ينبض بلا توقف لتكون الحياة وتستمر.. الوطن أم نحنّ لحضنها ونلوذ لحنانها ويعبق في ذاكرتنا عطرها وحنوها، الوطن ليس فقط مساحة من الأرض بل ذاكرة متوهجة لا تنطفئ، هو مراعي الشمس وسماوات زرقاء ممتدة، وبشر تجمعنا مع بعضهم روابط دم ومع الآخرين قرابة الأرض وصلات المحبة والجار للجار أعظم وصايا النبي الكريم.
ما أكبر فجيعتهم أولئك الذين شُرّدوا من أوطانهم، تتقاذفهم الأمواج ويقسو عليهم العراء، والأرض الحارة تحرق أقدامهم العارية، والشمس تلفح بشرتهم والجوع ينهش أجسادهم الضعيفة لا لشيء إلا لأنهم فقدوا وطنا كان الحياة والماضي ومستقبل وجودهم.
كل هذه الأمور تراءت لي وأخبار التفجير الفاشل الغاشم الذي استهدف الحرم النبوي الشريف وتناقلته نشرات الأخبار العاجلة والمشهد الجلل الذي أظهر بطولة رجال الأمن.. أسود هذا الوطن الذين مضى منهم من مضى فداء لوطنهم وبيت الله وحماية للمصلين.
الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية الذي حرص على تفقد للمصابين من رجال الأمن في المستشفى الذي كان لزيارته الأثر في نفوسهم وشد عزيمتهم، قال كلمته الفصل التي طمأنت القلوب وأرعبت المريدين شرا بهذا الوطن؛ الوطن في قمة أمنه ما دمتم رجاله المخلصين.
وقد أشاد سموه ببسالة وتضحيات رجال الأمن التي تجلت في منع الإرهابيين من الوصول إلى المسجد النبوي الشريف المكتظ بجموع المصلين الذين قدموا أرواحهم فداءً لدينهم وأمن وطنهم.
الوطن الذي حمته أرواح أبطاله وروته دماء الذين مضوا فداءه، والذي يتعملق داخلنا مع كل ذرة هواء تدخل أجسادنا، ومع كل صرخة مشرد خارج وطنه، والذي يكبر معنا وفينا ونعيش على أرضه وتحت سمائه وفي ظلّ أمنه هو ما نملك ونفخر.
الوطن الذي لا يخونه الشرفاء، ولا يسرقه المؤتمنون عليه وعلى دينهم، ولا يغدر به المؤمنون بالله وبعطاياه، ويحفظه أهله الذين يتباركون بشمسه ومطره وسمائه وأرضه هو أعمق وأجل من أن تصل له يد مخرب أو مُضلَّل أو إرهابي كافر ملعون.
يا وطني.. حماك الله لتبقى درة الأوطان، وبلدا آمنا بك نستظل، وعلى أرضك نعيش أحرارا، ولَك نتوجه بالحب والصلاة والحياة ولا بأس بالموت إن كان السبيل لحمايتك.
كل عام وأنت وطني البعيد عن مآربهم وشرورهم وأمانيهم السوداء، كل عام وأنت وطن للشرفاء المخلصين ولأسودك الذين يحموك بأرواحهم ويفدوك بكل نفيس.
رحم الله من مضى منهم لنصرتك وحريتك وأمتك، وإننا وراء مليكنا سلمان بن عبدالعزيز ماضون الذي شدد على ملاحقة الإرهاب والإرهابيين الذين خالفوا الله وخانوا إنسانيتهم وعاثوا بأمن بيوت الله.