قبل سنوات عدة نشرت صحيفة النيويورك تايمز -برقية بعث بها الملك عبدالله -رحمه الله- إلى الولايات المتحدة الأمريكية حول الملف النووي الإيراني - (اقطعوا رأس الأفعى)، إضافة إلى اتخاذ الرئيس أوباما المتردد القرار بوضع خط أحمر في سوريا (بشأن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية) ثم الابتعاد عن هذا الخط.
ومؤخرا أجرى الصحفي جيفري غولدبرغ مقابلة مع الرئيس الأمريكي لمقالته عن «عقيدة أوباما» في مجلة «ذي أتلانتيك» the Atlantic، تعرض خلالها إلى السعودية بتعليقات انتقادية، بشكل مباشر أو غير مباشر، بقوله: إنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة مواصلة التقيد بالسياسة الخارجية لواشنطن، عن طريق تقديم الدعم التلقائي للسعوديين وحلفائهم». حتى أصاب العلاقة نوع من الفتور وهذه العلاقات السياسة بشكل عام دائما ما تتعرض للفتور والسخونة حسب الأوضاع والمصالح -إن جاز التعبير-.
زيارة الأمير محمد بن سلمان، وهي الثالثة له إلى الولايات المتحدة منذ تبوئه منصب وزير الدفاع وولي ولي العهد، بعد مشاركته في قمة كامب ديفيد الأولى في مايو 2015، ومرافقته خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في سبتمبر الماضي، أتت بإيعاز من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لتلبية الدعوة الأمريكية.
اختلاف واشنطن في التعاطي مع ملف طهران لا يعني بأن الرياض خارج اللعبة، وبالتالي رأى الأمريكيون لقاء الأمير محمد بن سلمان، وهذا ما وضحت به الجهات المنظمة للزيارة بأن هناك «لهفة أميركية كبيرة» للقاء الأمير الشاب الذي تعرفت إليه واشنطن أكثر من خلال مقابلاته الصريحة والشاملة مع «بلومبرغ» و(الإيكونومست). السيد رايان كاتوليس الذي كان مسؤولاً في مجلس الأمن القومي خلال إدارة بيل كلينتون يقول بأن توقيت الزيارة: مرتبط «بالظرف السياسي والاقتصادي»، فمن ناحية يقول كاتوليس، إن «خطة الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية والقضايا السياسية العالقة مع الإدارة الأميركية تتشابك وتحيط أفق العلاقة اليوم، وينبغي إحراز تقدم على المستوى السياسي لاستنباط نتائج على المستوى الاقتصادي، وهي دعوة صريحة من الأمريكيين أنفسهم من ساسة وصناع قرار ومراكز بحوث (Think Thank) وشركات للقاء مسئول سعودي رفيع المستوى مثل الأمير محمد بن سلمان.
الرئيس أوباما الذي بقي على ولايته شهور قليلة يريد أن يثبت نظريته no boots in the ground حيث إنه لا يريد أن يخوض حروبا ويدفع بالجنود الأمريكيين إلى منطقة خارج أمريكا وهذا ما دعاه للتعليق على المذكرة التي رفعها له 51 دبلوماسيا في الخارجية الأميركية، يعملون كمستشارين في الملف السوري، مطالبين فيها بتغيير سياسة بلادهم تجاه سوريا، وتوجيه ضربات عسكرية ضد النظام السوري، إلا أن البيت الأبيض على لسان متحدثة صرح (أنه «لا تغيير في سياسة أوباما تجاه سوريا»، وأن «الرئيس صرح مرارا، وبكل وضوح، بعدم وجود حل عسكري للأزمة السورية، وهذه الرؤية ما زالت قائمة»)، وهذا التصريح أطلق بعد لقائه بسمو ولي ولي العهد صباح الجمعة، لتتضح الرؤية حول الملف السوري حيث كان ضمن اللقاء متابعة لقمة أبريل للرئيس مع قادة دول الخليج العربي في الرياض.
في مبنى الكابيتول سمو ولي ولي العهد بموكبه المكون من 11 سيارة تم تزيينها بالعلم السعودي تقود الأمير في جميع أنحاء العاصمة الأمريكية وسط حشود من السياح والزوار دعت السيناتور الجمهوري ليندسي جرهام، بأن يسمي السعوديين بـ»الحليف المهم». وأضاف «إنهم ليسوا بمثاليين، ولا نحن كذلك. ولكن أعتقد أن الأمير يمثل مستقبلًا مشرقًا، ونحن بحاجة فقط للحفاظ على استمرار التحالف».