سلمان بن محمد العُمري
يؤكد المختصون في الطب النفسي أن مرض الشك من الأمراض النفسية الخطيرة التي تسيطر على الإنسان، وهي جزء من الوسواس القهري، والمصابون بهذا المرض يشعرون بالتعب الجسماني عند القيام من النوم، والإحساس بأنه لا يقوى على هضم شيء، كما لا يقوى على مزاولة عمله، والكسل والتردّد متواصل معه.
والشك في كل من حوله جراء الاضطراب النفسي الذي يصيب العلاقات الإنسانية فيصبح تصرف الإنسان أو سلوكه شاذاً أو منحرفاً بمعنى أنه لا يساعده على التوافق مع المجتمع الذي يعيش فيه ولا مع نفسه، وتصاب هذه النوعية من البشر بداء التردد والتوهم وتفسير الأمور دائماً في غير مواضعها.
إننا في معالجتنا لقضية الشك نجد أن الأمر يختلف من الثقة المطلقة التي يتعامل بها بعضهم مع كل الناس، إلى الشك المطلق عند بعضهم الآخر، وبين هذين الطرفين اللذين هما على النقيض، درجات عديدة جداً، فبعضهم يشك لدرجة ما، وبعضهم يغلب عليه الشك، وبعضهم قد يشك لسبب ما، وبعضهم لا يشك إلا إذا وجد بعض الدليل، وكثير من البشر يكون الشك عندهم نوعاً من الحذر المشروع، الذي يجب أن يتحلى به الإنسان في ظروف وأوقات معينة.
إن ما يهمنا هو تلك الحالة التي توصل صاحبها لحالة مَرَضِيَّة، فتجعله يشك في كل ما حوله من شاردة وواردة، حتى إنه ليشك في نفسه وفي عمله، وفي نظرة الناس إليه، وفي أطفاله، وأسرته وأقاربه، وأصدقائه، ومجتمعه، ودولته، وكل من حوله. إن هذا الأمر هو نوع من أنواع المرض التي تؤدي لسلوكيات شاذة، تجعل الفرد يتصرف بناء على تصورات خاطئة، وقواعد ليست صحيحة، وبالتالي تكون نتيجة الفعل بالتأكيد خاطئة، وسلبية، ظالمة وغير مقبولة من الآخرين، بل قد ينظر إلى تلك السلوكية على أنها نوع من الكره، أو العدوانية، أو السلوك المنحرف، أو الضار بالمجتمع.
والراصد للمصابين بداء الشك تجد أنهم لا يتورّعون عن الكذب، والبعد عن المواجهة مع الآخرين، وتتعجب من تصرفاتهم الصبيانية وكل ما ازدادت الحالة تطلب الأمر إلى تقديم المزيد من العناية لدى أطباء النفس.
إن ما نود قوله، هو أن معظم البشر يستحق أن نوليهم الثقة إلى حدود مقبولة في التعامل الاجتماعي، والحالات التي تستدعي قدراً محدوداً من الشك هي حالات محدودة، والإنسان السليم العاقل يميز ذلك، ويعرف متى يجوز له الشك، ومتى لا يجوز، وما مقدار ذلك الشك. إن ديننا الحنيف الذي جعلنا ننظر بثقة مطلقة بأن كل ما يحدث لنا هو قضاء وقدر من الله سبحانه، وجعلنا نتوكل على الله في كل أمورنا، وجعلنا نشعر بالسعادة في حالات الفرح والحزن على السواء، لتسليمنا الأمر لله سبحانه، إن هذا الدين الحنيف هو الحل الشافي والوافي والكافي لكل حالات الشك، والذين يعانون منها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}.