شهدت المملكة العربية السعودية عموماً ومدينة الرياض خصوصاً خلال العقود الماضية نهضة تنموية كبيرة، وتوسع عمراني وسكاني، حيث وصل عدد سكان المملكة بحسب تقرير الهيئة العامة للإحصاء ، ما يقارب 21 مليون نسمة من السعوديين، وفي مدينة الرياض ووفقاً لدراسات الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لعام 1437هـ، فإن عدد السعوديين يصل إلى 6 ملايين نسمة، وقد واكب هذا التطور والنمو حدوث تغيرات في الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والحضرية في مدينة الرياض، وبالتالي انعكس تأثير تلك التغيرات على سوق العمل بين القوى العاملة وأصحاب العمل، مما أدى إلى ارتفاع في معدلات البطالة وكثرة الباحثين عن فرص العمل في القطاعين الخاص والحكومي، وبحسب تقرير الهيئة العامة للإحصاء فقد بلغ معدل البطالة بين السعوديين على مستوى المملكة 11.6% وفي مدينة الرياض كشفت دراسة السكان في مدينة الرياض لعام 1437هـ التي أصدرتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مؤخراً، أن نسبة بطالة السعوديين الذكور في مدينة الرياض 6.5% ومن الإناث 28%.
وتجدر الإشارة إلى أن البطالة تعتبر المشكلة الرئيسية في دول العالم، وهي التحدي الحقيقي للجهات المعنية، في حل المشكلة، وإيجاد الحلول، ووضع السياسات والبرامج للحد من البطالة وتخفيضها، والسعي في توطين الوظائف.
وحتى نناقش مفهوم البطالة، لابد في البداية أن نشير إلى تعريف البطالة وما هو مفهومها العلمي الصحيح، وما هي أنواعها، وما هي أسبابها، وما هي الحلول المناسبة لتخفيض معدل البطالة، مع الإشارة إلى أن بعض أنواع البطالة يفترض ألا تكون ضمن معدل البطالة العام، على سبيل المثال «البطالة المقنعة، والبطالة الاختيارية».
وبالعودة لتعريف البطالة، وبحسب التعريف الذي أوصت به منظمة العمل الدولية، والذي ينص على أن «العاطل عن العمل هو ذلك الفرد الذي يكون فوق سن معينة بلا عمل و هو قادر على العمل وراغب فيه و يبحث عنه عند مستوى أجر سائد، لكنه لا يجده».
وتتعدد أنواع البطالة بين الفئات التالية:
البطالة الهيكلية: تعتبر هذه البطالة جزئية، بمعنى أنها تقتصر على قطاع إنتاجي أو صناعي معين، ويقترن ظهورها بإحلال الآلة محل العنصر البشري مما يؤدي إلى الاستغناء عن عدد كبير من العمال.
البطالة الموسمية: ينشأ هذا النوع من البطالة نتيجة ركود قطاع العمال وعدم كفاية الطلب الكلي على العمل، ومن أمثلتها البطالة التي تطرأ بعد انقضاء موسم الحج.
البطالة الاختيارية: تكون بمحض إرادة الباحث عن العمل، بمعنى أنه أتم دراسته، ومهيأ لدخول سوق العمل، لكنه لا يبحث عن عمل.
البطالة المقنعة: فهي تعبر عن مجموعة من العمال الذين يحصلون على أجور أو رواتب دون مقابل من العمل أو الجهد الذي تتطلبه الوظيفة، وهي نسبة إذا تم سحبها من مجال العمل لا يترتب على خروجها أي نقص في إجمالي إنتاج الشركة أو المؤسسة التي هم موظفون فيها، وربما زاد الإنتاج إذا بقوا في وظائفهم، مثل: «السعودة الوهمية».
البطالة الطبيعية: تحدث عندما يكون الطلب على العمل مساوياً لعرضه، أي أن عدد الباحثين عن العمل مساو لعدد المهن الشاغرة أو المتوفرة.
وتتعدد أسباب البطالة في كل مجتمع بحسب خصائص هذا المجتمع، غير أن من أبرز أسباب البطالة ما يلي:
- عدم توفر فرص كافية في سوق العمل.
- دخول الكثيرين إلى سوق العمل.
- اشتراط بعض الشركات الحصول على خبرة سابقة.
- عدم وجود تناسب ما بين مخرجات التدريب والتعليم ومتطلبات سوق العمل.
- عدم وجود المؤهلات الكافية للدخول في سوق العمل.
- نقص وسائل المواصلات العامة، أو ارتفاع تكاليفها.
- سيطرة العمالة الأجنبية المنظمة على نشاطات المشاريع الصغرى بالمدينة.
ولعل من أهم الحلول لمعالجة البطالة في مجتمعنا بالمملكة، تحقيق عدد من الخطوات والإجراءات والبرامج، من أبرزها:
- إنشاء مرافق تعليمية ملائمة، وإجراء مراجعة منتظمة للمناهج لتأكد من ملاءمتها لاحتياجات سوق العمل.
- تطوير التدريب الصناعي لجعل الأعمال اليدوية أكثر جاذبية للشباب السعودي.
- تطبيق إلزامية التطوير المستمر لمهارات المعلمين وتبني أساليب جديدة لتعزيز التفاعل بين المدرسة والأسرة والعمل على زيادة وعي الأسرة بأهمية التعليم للأبناء.
- الاستمرار في تطوير سياسات السعودة وتحسين الإشراف عليها، وتطوير سياسة برنامج «حافز» والنظر في تطويره ليصبح برنامجًا لإعانة البطالة يرتبط بالمستحقات المكتسبة من خبرات العمل السابقة وفرض القيود الزمنية، والاشتراك في إعادة التدريب الإلزامي، وقبول فرص العمل.
- تطبيق التدريب الوظيفي وذلك بإنشاء معاهد متخصصة في أحياء الرياض، مع إعطاء الأولوية للأحياء التي تُعاني من مستويات مرتفعة من البطالة.
- تفعيل دور مراكز الأحياء، وإنشاء المزيد من المراكز، وبالتحديد في الأحياء التي ترتفع فيها معدلات البطالة.
- قيام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بوضع تنظيمات تفرض على شركات القطاع الخاص توفير وظائف مخصصة للتدريب فقط، من أجل توفير الخبرة والمهارة للخريجين حديثاً.
وفي الختام، لا يخفى على الجميع وخصوصاً المهتمين بهذا المجال، أن التعليم والتأهيل والتدريب، هما الركائز الأساسية في عملية الحصول على الوظيفة، ولا بد من توفير تلك العناصر وتطبيقها حتى تتحقق النتائج المرجوة بمشيئة الله.