للشاعر نواف بن منصور الشلهوب أسلوبه المختلف عن السائد والنمطي في السنوات الأخيرة، حضوره أيضاً كان مختلفا عبر ديوانه (بياض) الذي سبق ديوانه الثاني الجميل (حقايق وأوهام)، حيث كتب مقدمة الديوان الأول الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن واحتفت بالديوان وسائل الإعلام بالقدر الذي احتفى به متذوقو الشعر، فكان «حقايق وأوهام» تتويجا لنجاح ما سبقه من إصدار للشاعر نواف الشلهوب الذي قَدّم إصداره الأنيق بإهداء، أعقبه بوح جميل حول المحتوى، وكانت أول قصيدة في الديوان في والدة الشاعر على الصفحة رقم (7) بعنوان (يمّه)، على نفس نسق قصيدته الشهيرة في والده في ديوانه الأول، وهنا يتجلى توجّه الشاعر في بر والديه كأنموذج للشاب السعودي المثقف الذي تشرّب التوجه الإسلامي ومكارم الأخلاق وعادات المجتمع السعودي الفاضلة، والقصيدة تفعيلة وهذا اللون حضوره أكثر من الشعر العمودي في الديوان:-
يمّه صباح الخير
يمّه القوافي من تلهفها تطير
أقضب اللي لك تهيّا في يدي
ولا اللي طار من الفرح أكثر كثير
وقد ساوى في عذوبة المحتوى بين شعر التفعيلة والشعر العمودي بأسلوبه الخاص من ذلك إيثار حالم في تجلٍّ خاص من قصيدة (ريحة هلي) على الصفحة رقم 13.
ما عليه آسف عيوني.. خلِّي أحزانك علي
ما بقى إلاَّ ضيق محبوبك يكدّر خاطرك!
وللشاعر شفافيته التي لا تخلو من إحساس خاص يتجاوز إشراقته الفلسفية إلى ما سواها بمواءمة دقيقة في المعنى، يقول في قصيدة تفعيلة بعنوان (أنا رايح) على الصفحة رقم 15.
طول عمري.. وأنا أقصد عمري الأجمل معاك
كنت أدلّل.. وجايز انتي ما طلبتي
ويمكن أصلاً ما شعرتي
وكنت أتمنى أشوفك كل يوم
ومنها قوله:
ياللي عنّك لو أسافر.. وين أسافر وين أروح؟
وكل وجهاتي عيونك
أنا رايح والعشم بكره تداوين الجروح..
اللي صارت يا عيوني من قسى طبعك تنوح أنا رايح
وفي قصيدته بعنوان (يا خرافه) على الصفحة رقم 25 يضع الشعر كرسالة راقية في الحياة في منزلة رفيعة بين (الطُهر والحب)، وهو ما يميز شاعر عن غيره في توجهه بأسره امتداداً لعواطفه:
يوم شفتك طرت أعلن مولدي
للطهر.. للشعر.. للحب ودعيت
جعل يومي قبل يومك يا بعدي
وبعدها أذكر.. تبسّمت وبكيت
كذلك من خلال قصيدة (السواني) على الصفحة 29 يستطيع متصفح الديوان ملامسة ماجُبلت عليه شخصية الشاعر في قراءة نفسية عابرة في تطلعه للمعالي وحبه للبساطة ووفائه لرفاقه:
السواني تجلب العذب العميق
والكتابه كل فكرٍ تحرسه
تنفرج كل ما دعيت الله فضيق
وما جنى زارع سوى ما يغرسه
يوم جل الخلق مشغوله تويق
في البشر من حولها متجسسه
المعالي والبساطه والرفيق
الثلاثه لي هوا واتنفسه
وفي نجوى عاطفية هامسة يقول في قصيدة تفعيلة سماها (شمس) على الصفحة رقم 59:
يا حبيبي تدري إنت إيش وضعك في حياتي؟
هات إذنك.. قرّب اسمعها بهمس:
إنت شمس
يعني رغم حصون بردي تنفذ لجسمي دفا
وانت لو تظلم دروبي تشعل اللي انطفا
ومنها قوله:
ما تعبت من الغروب!
ليه ما تشرق حبيبي مثل أول كل يوم؟
كل أيام المفارق عندي ليل
فكّني عد النجوم
والله إن البعد ويل
أو إذا كنت الحلوم
لا تفارقني وأقوم
لا تصحيني أموت!
خليني عايش في نوم