إبراهيم عبدالله العمار
في ربيع الأول عام 104هـ عزل يزيد بن عبد الملك عن إمرة الحرمين عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس، وكان سببه أنه خطب فاطمة بنت الحسين بن علي، فامتنعت من قبول ذلك، فألحَّ عليها وتوعدها وهددها، فأرسلت إلى رئيس الدولة يزيد بن عبدالملك تشكوه إليه، فبعث إلى نائب الطائف فولّاه المدينة، وأمره أن يضرب ابن الضحاك حتى يسمع يزيد صوته وهو متكئ على فراشه بدمشق، وأن يغرّمه أربعين ألف دينار، فلما بلغ ذلك ابن الضحاك ركب مسرعاً إلى دمشق واستجار بمسلمة بن عبد الملك؛ فدخل على أخيه فقال: إن لي حاجة، فقال: كل حاجة تقولها فهي لك إلا أن تكون ابن الضحاك. فقال: هو والله حاجتي. فقال: والله لا أقبلها ولا أعفو عنه! فردّه إلى المدينة؛ فتسلمه أميرها فضربه وأخذ ماله حتى تركه ليس لديه إلا جبة صوف؛ وكان العالم الكبير الزُّهري قبل ذلك قد أشار على الضحاك برأي سديد، وهو أن يسأل العلماء إذا أشكل عليه أمرٌ؛ فلم يقبل ولم يفعل، وفعل تلك الفعلة المستنكرة لابنة حفيد رسول الله عليه الصلاة والسلام ولم يرعَ لها حقها؛ فأبغضه الناس وذمَّه الشعراء، ثم كان هذا آخر أمره.
هذا خطأ ضخم، ولا عذر لهذا المخطئ لأنه كان يستطيع التأكد من العلماء بل إن يستخدم عقله لكيلا يفعل هذا، لكن الخطأ التالي نجد له بعض العذر. من الأخطاء التاريخية الطريفة شيء غير متوقع: إطلاق بعض الأرانب في برية أستراليا. ماذا في هذا؟ كيف تُسبب أرانب مشكلة، فضلاً عن مشكلة ضخمة؟ لما أطلق المستوطن الأوروبي توماس أوستن 24 أرنباً عام 1859م لم يتوقع هو ولا أي شيء شخص ما حدث بعدها: تكاثرت الأرانب. ليس هذا غريباً، فالأرانب معروفة بذلك، لكن المشكلة أنها تكاثرت بشكل غير متوقع لأنه لا يوجد كائنات تفترس الأرانب هناك، أي لا أعداء لها في الطبيعة. في سنتين فقط تكاثرت لدرجة أن الناس صاروا يقتلون مليوني أرنب كل سنة بلا أي تأثير ملحوظ على أعدادها الكاملة. عام 1991م صار عدد الأرانب ثُلث مليار! وهذا بعد محاولات كثيرة لتقليل أعدادها، وهو أقل بكثير من عددها قبل ذلك بسبعين سنة، فقد وصلت في أوجها إلى 10 مليارات أرنب! سببت خسائر هائلة لما أبادت النباتات مما أثر على كائنات أخرى وجعل فصائل كاملة تنقرض، هذا غير التهام المحاصيل الزراعية ومليارات الدولارات من الأضرار على مر السنين.