يوسف المحيميد
بعد مرور عام على توقيع الاتفاق النووي الإيراني، بدأت تظهر مؤخرًا بوادر الفشل فيه، وعدم مصداقيته، والخداع الذي يظهر من ورائه، والتساهل الواضح من إدارة الرئيس أوباما، تجاه نظام طهران، فلا تفكيك للبرنامج النووي الإيراني، وما زالت عمليات تخصيب اليورانيوم تجري سرّا، وليت الأمر توقف عند ذلك، بل كانت محاولات الحصول على تكنولوجيا تستخدم لتطوير أسلحة نووية وقاذفات صواريخ - حسب المكتب الفيدرالي لحماية الدستور في ألمانيا - قد زادت إلى 141 محاولة مقارنة بـ 83 محاولة في العام 2014. وهو ما حذرت منه وكالة الاستخبارات الألمانية المجتمع الدولي بعد الاتفاق المزعوم حول برنامج إيران النووي، بأن هناك خدعة بلعتها الدول الموقعة، والمجتمع الدولي، من أن إيران ستتخلص من برنامجها النووي العسكري!
كان يسود اعتقاد لدى الدول الأوروبية بأن الحراك السياسي في إيران، بعد رفع العقوبات الاقتصادية، قد يسهم في دخول أسماء معتدلة في الحكومة، لكن ما يحدث عكس ذلك، فلم يزل المتشددون يحكمون القبضة على نظام الحكم في إيران، ولعل أضحوكة انتخاب آية الله أحمد جنتي رئيساً لمجلس الخبراء في مايو الماضي، يشير إلى عدم وجود أي بوادر حقيقية وجادة للتغيير، خاصة أن أحمد جنتي هو الأكثر راديكالية بين المتشددين في إيران، من خلال تصرفات كثيرة تؤكد ذلك، أبرزها منعه لمشاركة نحو ثلاثة آلاف مرشح إصلاحي من دخول الانتخابات البرلمانية في فبراير الماضي، عندما كان رئيساً لمجلس صيانة الدستور، وغير ذلك من الأفعال التي تشير إلى أن الوضع يتفاقم في إيران، وذلك باستبعاد أي سياسي إصلاحي، أو تصفيته، وبما يعني أن وصول هؤلاء المتشددين إلى المزيد من المليارات المجمدة في البنوك الأجنبية، بعد الاتفاق النووي، يعني المزيد من إحكام القبضة على الحكم، ومنع الإصلاحيين من الدخول في الانتخابات المزعومة، واستمرار السياسة الخارجية العدوانية، التي لم تتوقف من العبث في الدول العربية!
إن ما يحدث مؤخرًا في إيران من مظاهرات شعبية الداخل، ومؤتمر ضخم تقوده المعارضة في المنفى، تحديداً في فرنسا، إنما يؤكد أن الوضع لم يعد يُطاق تحت حكم ووصاية نظام ديكتاتوري، ووجود هذه المعارضة في المنفى، وسعيها إلى تحرير الحكم من سلطة المتشددين، ووجود اسم سياسي إصلاحي مهم، كالسيدة مريم رجوى، وسلسلة الإعدامات والتصفيات التي تعرضت لها عائلتها، وغيرها ممن يمكن أن يقودوا هذا البلد المؤثر على المستويين الإقليمي والدولي، كي يصبح عنصرًا فاعلاً وإيجابياً فيهما، بدلاً من كونه الآن مصدرًا للقلاقل والتدخل في الشؤون الداخلية للدول في الشرق الأوسط.