خالد بن حمد المالك
أجول بنظري وأعصف ذهني حول ما يجري في منطقتنا وفي العالم، فتأخذني حالة من الاستغراب والذهول والصدمات غير العادية بما وصل إليه الحال في دنيانا، حيث لم يعد أيٌ منّا آمناً أينما كان موقع قدمه، ومن دون أن يلوح بالأفق حلٌ للمشكلة، وفي زمن لم نعد نملك فيه المصباح الذي يضيء لنا دياجير الظلام، أو يسعفنا في تلمس طريقنا في أنفاق وسراديب مظلمة.
* *
تأخذني الحيرة، ويشتت أفكاري، ويزيل من شفتي ابتسامتها، كلما فكرت بأننا نسير نحو المجهول، دون وجود عاقل قادر على كبح جماح الأشرار في دولنا وبين أممنا، ومن غير أن تكون هناك قوة رادعة لديها القدرة على هزيمة القتلة والمجرمين، فلا تبقي منهم ولا تذر.
* *
وأمضي أيامي - كما أنتم - مع هذه الصور القاتمة التي تخيم بسوادها وسوداويتها على عالم مجنون، يعبث بالأمن، ويستدعي السلاح لقتل الفرح في نفوسنا، وإيغال الحقد بين المجتمعات البشرية على امتداد كوكبنا، فيما نحن - أو بعضنا - لاهون عن مصيرنا المجهول، ومستقبلنا الغامض، وسنوات الجدب في كل شيء التي بدأت تحرك أشجان الخيرين منا، دون أن تكون لنا حيلة أو قدرة على الإمساك بزمام الأمور، لكي لا نسمح بمثل هذا العبث القاتل أن يستمر.
* *
آه تردد على كل لسان، وصداها يصل إلى كل مكان، وما من أحد كان خارج هذا الجو المفعم بروائح شواء قتل الأبرياء منا، في حقد دفين، وإرهاب لا يتوقف، وأعمال جبانة تتواصل، فيما يعيش العالم في خلافاته المزمنة، سادراً في غيِّه وبلا مشروع لوأد الفتنة، ومن غير محاولات جادة لدفن هذا المرض الخبيث قبل أن يستأصل ما تبقى من جمال هو الآن تحت سيطرة العقلاء منا.
* *
أي جنون أن يقتل الإنسان أقرب الناس إليه، ويعبث بأمن ديار ولد فيها، ويوجه شره لدور العبادة والمجمعات السكنية والمرافق الأخرى، ويؤجج الفتن بين الأمم، وينزع الاستقرار عن أي أرض تكون في حالة أمن واستقرار، كأن هؤلاء سم زعاف، يريدونه أن يجري بين أوردتنا لقتلنا لا أن نبقى أحياء نعمر هذه الأرض ونحييها.
* *
كيف لهذا العالم بدوله ومؤسساته أن يحمي هذا الكوكب من أن يساء إليه وإلى ساكنيه، وأن يقضي على القلة من الأشرار الذين نزعت منهم الرحمة، وفرغت مشاعرهم من الشعور بالعاطفة، بينما مسؤوليتنا العمل من أجل استقرار الكثرة الكاثرة من الخيرين، ونحن على هذا النحو من الخلافات، والتآمر على بعضنا، إن لم نقل تشجيع بعضنا لهذا السلوك المشين، وفي أحسن الأحوال غض الطرف عنه، والتزام الصمت منه، بما لا يمكن قبوله أو فهمه أو إيجاد تفسير أو مبرر مقنع له.
* *
ويلي وويلكم، ويلنا جميعاً، مما نراه أمام أنظارنا، من رجس، هو من عمل الشيطان، فكل من يقتل الناس ويدمر البلدان، هم الشياطين الحقيقيون، كما أفهمه وأراه.