أمل بنت فهد
في حوار مع رجل الأعمال الناجح جسَّار ومساعده الذي فقد نصف بريقه وبات أقرب للفصل من وظيفته التي أبدع فيها سابقاً.. كان لجسَّار كلمة حاول فيها أن تكون الأخيرة.. إما أن يعود بعدها مساعده إلى سابق عهده من الإبداع والنشاط والانضباط.. أو يقدم استقالته بنفسه كآخر ورقة لحفظ ماء الوجه.
بعد حوار أخوي في امتداد لشخصية القائد التي يتمتع بها.. أدرك أن علة مساعده ليست بجديدة.. فقد سبق له أن عايش نفس المشكلة قبل أن يدرك المخرج الذي أوصله اليوم إلى مصاف الشركات ذات الأرصدة التي لا تكف عن التضخم.. وجسد يضج حوية ومزاجاً لا يعرف سواداً.. وعائلة يحميها الحب من الهزات الطبيعية الإنسانية.
قال جسَّار: أنا مثلك عشت في ذات البيئة التي تعول أي إخفاق أو هزيمة على الأشباح.. وهم يجعلنا بعد كل مناسبة نظن أن عيناً من العيون التي حضرت أصابتنا بشرها.. مع أن كل من حضر معنا يسمى قريب أو صديق.. لا يكاد يمر أسبوع دون أن تغرقني والدتي بزيت الزيتون السحري.. وتلقي بكفها الطاهرة على جبيني الصغير.. وترقيني!
مرت حياتي بين الرقية والتجارب الناقصة.. والتي لا أكملها لأن شيئاً لا أدركه وقف بيني وبين طموحي.. حتى بعد أن تزوجت طلقت زوجتي لأن الشر يحيط بي.. ولا يريد لي سعادة.. باختصار كان كل حدث سيئ في حياتي بسبب الأشرار الذين لا أعرفهم.. ولا أحد يستطيع أن يحدد من هم.. ولا كيف استطاعوا أن يسلبوني أحلامي.. من راقٍ إلى راقٍ آخر.. تشابهت النفثات والوضع واحد لم يتغير.
رضيت بوظيفة لا تناسبني وكنت أمارسها بصعوبة والجو العام فيها خانق لا يرحم.. تراجعت مهاراتي أمام إيماني بأن أحدهم يكيد لي كيداً.. وبالتالي تدهورت صحتي والسبب دائماً نفس السبب.. لا جديد يذكر عدا أني مسلوب الإرادة وحماسي لا يكفي لأصعد ولو درجة واحدة من سلم حياتي!.
وكنت أشرح بيقين تام لكل من يسأل عن تدهوري أني مصاب بعين حاسدٍ.. ومرات أقول إني مسحور وأشرح نكباتي.. وما أكثر المواساة وأكثر منها النصائح التي لا تنتهي عن أفضل معالج عبقري.. ساعد الكثير غيري.. لكنه أبداً ما استطاع معالجتي.. طبعاً لأني كنت أظن أن الأشرار متربصون بي.. كلما قمت حطموني!.
إلى أن صادفت أحدهم.. بعد أن ترك لي فرصة سرد حكايتي الغامضة مع الشر.. قال لي: ما نحتاجه ولا نحصل عليه.. يمنحه لنا الوهم.. وما لا نستطيع تفسيره نجيره لحساب الخرافة.. كنت طفلاً وحنان أمك واهتمامها يمنحك الاحتواء.. وبدلاً من تحدي المصاعب في حياتك بعد أن كبرت اخترت عدواً وهمياً لتعلق عليه جبنك وتكاسلك.. هي حيلة العقل إذا لم تعطه مكاناً محدداً تريد الوصول إليه.. فهو مثلك تائه ويتواطأ مع الخرافة في سبيل حمايتك.. فإما أن تختار أن تقاتل شبحاً ليس له وجود إلا في رأسك.. أو تتجاهل وجوده وتمضي حيث تريد أن تصل.
أخيراً لك الخيار أنت أيضاً..
للأسف قدم المساعد استقالته وخرج بحثاً عن راقٍ جديد بنفثات سحرية!