اتصف النبي صلى الله عليه وسلم بالحياء، فقد كان أشد حياء من العذراء في خدرها، والحياء خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع عن التقصير في حق ذي الحق، وهو مأخوذ من الحياة، وعلى حسب حياة القلب يكون حياء المرء، فكلما كان القلب حيا كان الحياء أتم، وقلة الحياء من موت القلب والروح. ويتمثل الحياء في أنه انقباض وحشمة يجدها الإنسان من نفسه عندما يطلع منه على ما يستقبح ويذم عليه، وأصله غريزي في الفطرة. والمكتسب منه هو الذي يجعله الشرع من الإيمان وهو الذي يكلف به. وأما الغريزي فيحمل على المكتسب ويعين عليه، قال صلى الله عليه وسلم: الحياء لا يأتي إلا بخير.
وقد جمع النبي عليه الصلاة والسلام كمال نوعي الحياء، فكان في الحياء الغريزي كما قال أبو سعيد رضي الله عنه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها)، وفي حيائه الكسبي في أعلى درجاته وهو الحياء من الله تعالى ولا يكون إلا عن معرفة بالله تعالى كاملة ومراقبة حاصلة له.
وكان صلى الله عليه وسلم شديد الحياء من ربه تبارك وتعالى وكان حياؤه منه حياء إجلال وتعظيم وعبودية، وغايته أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.
وأما حياؤه عليه الصلاة والسلام من الخلق فكان أكمل حياء وأعظمه لأنه لم يكن حياء خوف ومهانة، وإنما حياء تعليم وتربية وتزكية للأمة وتوجيهها إلى مكارم الأخلاق.
- المشرف على كرسي المهندس عبد المحسن الدريس للسيرة النبوية بجامعة الملك سعود
adelalshddy@hotmail.com