لا شك بأن قيادتنا تتمتع بالحصافة والحكمة، ولولا هذه الصفات المحمودة ما كانت عاصفة الحزم لإعادة الشرعية للبلد الجار الشقيق. رغم تحفظ بعض الدول المهمة في حركة السياسة الدولية التي أدركت لاحقاً صواب الموقف السعودي. وتوزيع البيض على أكثر من سلة واحدة من الحصافة والحكمة؛ يحول دون خسارة البيض كله او جله.
حجم أرقام الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، بحجم الطمع فيها، بدوافع كثيرة قد يكون، بل المرجح أن للدور الصهيوني والإيراني من خلال مجموعات (لوبيات) وراء تحرك عدد من التشريعيين بين كل فينة وأخرى، التوجهات المنسوبة إلى بعض المشرعين الأمريكيين بطرح مشروع قرار بمطالبة السعودية بتعويضات عن أحداث 11/ سبتمبر المشهورة، بالاستناد إلى وثائق سرية مزعومة. عندنا مثل في المملكة دارج منذ أمد بعيد يقول: «القراد يزعج البعير» بعض الأمريكيين كما عرفونا عن أنفسهم من خلال ممارساتهم، استمرؤوا البحث عن الثروة بالابتزاز، بدعوى التعويضات، وهم ارتكبوا بحق الكثيرين من غيرهم، ما يفوق ما ارتكب الآخرون بحقهم. (هذا لا يعني عدم استنكار المملكة وشجبها لأحداث 11/ سبتمبر وغيرها من الأعمال الإرهابية) وهي البريئة منها، فهم لم يعوّضوا أحداً ولن يعوّضوا، وإن عوّضوا، فتعويضاتهم بالفلسات.
كما حدث لبعض الأفغان. وسمات السياسة والتوجه الأمريكي ليس من أول يوم أصبح أوباما في البيت الأبيض، بل كانت إرهاصاتها سابقة له، بالنأي شيئاً فشيئاً عن الشرق الأوسط، وربما تصل لمرحلة خذلان حلفائها بالشرق الأوسط. باستثناء الكيان الصهيوني. والأحداث تتسارع، وتحسباً لا بد من التفكير العميق السريع وغير المتسرّع، بكيفية حماية الاستثمارات بأي وسيلة. قد يكون من بينها بتحويلها خارج الولايات المتحدة التي ترسم سياستها اللوبيات، ومراكز بحث تكتب على وجهي العملة الواحدة، تكتب بدقة في وجه، ما يخدم المصالح والأغراض الآنية والإستراتيجية للولايات المتحدة، وتزييف الحقيقة على الوجه الآخر. قد يكون في تحويلها إلى أصول موزعة على مواقع خارج الولايات المتحدة، وفي الولايات المتحدة بالقدر الذي لا يضر بقيمتها وحجمها. وأن نتخذ من إمكاناتنا وسائل ضغط تحول دون الحجز ثم تسييل الاستثمارات السعودية في ظل أي قرار تشريعي قد يقرر لاحقاً. ومن وسائل الضغط المهمة التلويح بفكرة نزع صفة (بترو دولار) في التعاملات البترولية ومشتقاتها بالاتجاه لسلة معاملات مختلفة، وتعزيز قيمة الريال بتخصيص ما لا يقل عن 5 % من النفط المصدر بأنواعه المختلفة بالريال السعودي. وسيحذو حذو المملكة الأشقاء الخليجيون والأصدقاء، وهو إجراء مرعب للإدارة والمشرعين الأمريكيين.
لا أقول إن هذا الإجراء سيجعل الولايات المتحدة الأمريكية تستعمل الدولار لتغليف التبغ، ولكن سيجعلها حذرة من أي تشريع يمس استثمارات دول الخليج، وخصوصاً أن الدول الخليجية تتمتع بنسبة جيدة في سوق النفط.