عماد المديفر
نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقنا في هذه البلاد الطيبة المباركة للقيام بواجبنا الذي شرفنا الله به واصطفانا لأجله.. خدمة بيت الله الحرام، والعمل على راحة وأمن وطمأنينة حجاج بيته الحرام، ومعتمريه، وزوار مسجد رسوله عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.. فها هو موسم العمرة الأكبر والأضخم على مر التاريخ - ستة ملايين معتمر من الخارج ذبخلاف معتمري الداخل- ينتهي بكل سلاسة وأمن ونجاح، وهاهم قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي يؤدون مناسكهم بكل يسر وطمأنينة.. لكن هذا الأمر بالتأكيد يقض مضاجع أعداء الدين.. فما كاد ينتهي موسم العمرة هذا العام، حتى قاموا بمحاولة إرهابية جبانة عند مشارف مسجد الرسول الكريم، فكان لها جنودنا الأبطال بالمرصاد.. فأفشلوها بالوقت المناسب.. وقدموا أرواحهم فداء وذوداً عن الحرم النبوي الشريف وقاصديه في وقت الإفطار في أواخر شهر رمضان المبارك..
لقد فجع المسلمون جميعاً في مشارق الأرض ومغاربها.. لكن العارف بحقائق وخفايا الأمور لم يكن أبداً ليستغرب مثل هذه الأفعال الغاية في الإلحاد والموغلة في الإجرام.. فمنذ نجاح الراديكاليين الظلاميين التكفيريين في إحكام سيطرتهم على مقاليد السلطة والحكم في طهران باسم «الدين» وباسم «الله»، واستبشار تيارات الإسلام السياسي بذلك، وعلى رأسهم التوأم الشقيق لحكم «ولاية الفقيه» تنظيم «الإخوان المسلمين» أم التنظيمات الإرهابية؛ وهم لم يخفوا للحظة واحدة استهدافهم لأمن وسلامة الحرمين الشريفين..وكانت جميع محاولاتهم الجبانة - بفضل الله- تفشل وتحبط على أيدي رجال الأمن السعوديين -منها ما تم الإعلان عنه، وكثير انتهت في مهدها ولم تُعلن-.
أقول إن هذه التيارات «الإسلاموية» الإرهابية لم تخفي للحظة رغبتها استهداف الحرمين الشريفين.. كان ذلك واضحاً في الكثير من خطب المقبور الذي ينعته عُبَّادُه بـ «روح الله» الخميني.. تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا..
فقد كرر الخميني، الذي يعده تنظيم الإخوان «قائد الأمة»، ودولته «دولة الأمة الإسلامية التي تختزن الرسالة الإلهية مشروعاً ونظاماً»، كرر في أكثر من مرة أن «أرض الحرمين الشريفين محتلة»، ولم يكد يمضي على حكمه أشهر معدودات حتى استولى «إرهابيون إسلامويون» على الحرم المكي الشريف لمدة أسبوعين مستبشرين بـ «خروج الإمام المهدي المنتظر». الخميني من جهته شجعهم، وألقى باللائمة على «الإمبريالية الأمريكية المجرمة» وأن ما قامت به «جماعة جهيمان» هو ردة فعل على «الطغاة وعمالتهم للغرب الكافر والشيطان الأكبر»، ولم تكد قواتنا المسلحة الباسلة تقضي على زمرة الإرهابي «جهيمان» حتى قام نظام الخميني بشكل مباشر من جنوده - أو غير مباشر عبر عملاء له يحملون الجنسية الكويتية- بمحاولات استهداف الحرم المكي الشريف أكثر من مرة في الثمانينيات الميلادية، لكن جميع محاولاتهم الإلحادية المجرمة مُنيت بالفشل.. بفضل الله - سبحانه وتعالى - أولاً وآخراً، ثم بفضل كرمه ومنه علينا وعلى الأمة العربية والإسلامية بأن يسر وسخر لهذا الحرم الطاهر أبطالاً من أهله.. جنوداً أشاوس.. مدهم بعون من عنده وتوفيق ونصر.. فأحبطوا بفضله ثم بفضل ما رزقهم به من قوة وعزيمة وشجاعة ونباهة.. أحبطوا جميع تلك المحاولات الملحدة الخبيثة في مهدها.. وأذاقوا الفاعلين ما يستحقونه.. بحكم الله.. فقُتلوا وصلبوا.. وفضحوا بين الخلائق.. وأصبحوا عبرة لكل معتبر.
لقد كان الإرهابي الخبيث «الخميني» لا يتوقف عن التهديد والوعيد.. والعمل والتخطيط.. يقول في إحدى بياناته بمناسبة مرور عام على إحباط قوات أمننا السعودية الباسلة لمحاولات عناصر من الحرس الثوري الإيراني وقوات «الباسيج» استهداف حجاج بيت الله الحرام عام 1987م.. يقول: «سنطفئ غيظ قلوبنا بإذن الله في الوقت المناسب بالانتقام من أمريكا وآل سعود، وسنحول حلاوة هذه الجريمة الكبرى - يقصد إحباط الأمن السعودي لعملياتهم الإرهابية- حرقة وحسرة في قلوبهم، وسندخل المسجدَ الحرامَ مع الاحتفال بانتصار الحق على جنود الكفر والنفاق، وتحرير الكعبة من أيدي من ليسوا أهلاً، من ليسوا من محارمها وخاصتها.»
وفي حديث علني مشهور بثته إذاعة طهران بتاريخ 20 /7 /1988م يقول المجرم ما نصه: «سوف نزيل آلام قلوب شعبنا بالانتقام من أمريكا وآل سعود إن شاء الله في وقت مناسب، وسنضع وسم حسرة هذا الجرم الكبير على قلوبهم، ونضع حلاوة في حلق أسر الشهداء بإقامة حفل انتصار الحق، وبتحرير الكعبة من يد الآثمين، سوف نحتل المسجد الحرام».