د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
اعتمد صاحبكم كتابة اسم أسرته ( العَمر) دون واو مع وضع فتحة على حرف العين تلافيًا للخلط بين عائلتي العَمر - بفتح العين - والعُمر بضمها، ومع يقينه بقلة المتحمسين معه لكتابتها بهذه الصورة إلا أنه مؤمن بأهمية هذا التغيير بعدما صار نطقُها من أكثرية الناس مشبِعًا الواو التالية للراء المضمومة (العمرُوووووو) جامعًا الخطأَ اللفظي والتشويه الدلالي.
ولعله يختصر المبررات العلمية لهذا الاتجاه المنادي بحذف الواو والاكتفاء بفتح العين وفق مجموعة من المحددات المهمة وأبرزها :
** لعل بعضنا لا يعلم أن زيادة الواو في ( عمرو) مقصورة على بعض حالات الرفع والجر فقط بشرط ألا تصغر: ( عُمير) ولا تنسب : (عَمري ) وألا يضاف إليها «أل» : (العَمر)، ولذا ورد في قول أبي النجم العجلي اسم ( العَمر) خِلوًا من الواو:
باعد أمَّ العَمر من أسيرها
حراسُ أبوابٍ على قصورها
كما تحذف عند إضافتها للضمير فيقال : « هذا عمرُك وذاك عَمرُه « فلا وجود للواو في الحالات الأربع السابقة وكذا عند ورودها في قافية شعرية كقول الشاعر:
كأني لم أكن فيهم وسيطًا
ولم تك نسبتي في آل عَمرِ
كما أن واو (عَمر) تسقط في حالة النصب مطلقًا؛ فنقول: رأيتُ عمرًا، ولا تشتبه هنا مع (عُمر) لأن عَمر مصروفة فتنون وعُمر ممنوعة من الصرف فلا يلحقها التنوين (رأيت عمرَ) بفتحة على الراء لا بتنوين كما في عَمرنا.
** ومع العوامل الستة السابقة وكلها عوامل علمية مجمع عليها ومع تخطئة كتابة الواو في اسم الأسرة المبدوء بالألف واللام وقصره عند السابقين على ( عمرو) المفردة غير المصغرة ولا المنسوبة ولا المضافة للضمير ولا الموجودة في القافية ولا المنصوبة ومع وجود أسماء أسر لم تُضطر إلى حرف إضافي للتمييز بين نطقها المختلف كما في السَُليم والرَُشيد والعَُبيد وغيرها فإن الاقتصار فيها على الكتابة دون النطق يثبت عدم وجود قيمة لها في زمن التشكيل، ولا شك أن فتحةً فوق حرف العين أيسر وأدق وأسلم من واو بعد الراء، ولذا كان الجاحظُ يسمي (عمرًا) - وهو اسمه عَمر بن بحر-الاسمَ المظلوم ويعدُّه أرشق الأسماء وأخفها وأزهرها وأسهلها لولا إلصاق الواو به بالرغم من أنها ليست من جنسه دون دليل عليها أو إشارة إليها كما ذكر صاحب الكشكول ( بهاء الدين العاملي) مستشهدًا بالتهامي الذي قال :إن واو عمرو لغو لا معنى له، كما نسب إلى البحتري بيت لطيف قال فيه:
خلِّ عنا فإنما أنت فينا
واوُ «عمرٍو» أو كالحديث المعادِ
ولأبي نواس:
قل لمن يدَّعي سُليمُا سفاهًا
لستَ منها ولا قلامة ظفرِ
إنما أنت من سليم كواوٍ
أُلحقت في الهجاء ظلمًا بعمرِو
ولأبي حيان الأندلسي :
حروفُهمُ أصلٌ وحرفيَ زائدٌ
كأني واوٌ أُلحقت منتهى عمرِو
وللرافعي :
وعلام تهملني وأنت ترى
واو الهجا حُسبت على عمرِو
** كل ما سبق وأكثرُ منه منثور عبر محركات البحث المتاحة للجميع مثلما هو منشور في الكتب والدوريات العلمية المتخصصة ( شبكة الفصيح - ملتقى أهل اللغة-الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب ... الخ ) ولا شك أن واوًا زائدةً لا تستحق مزيد احتفاء، ومثلما ألغاها معظمُ « العَمريين» من تهجئة أسمائهم بالحروف اللاتينية AlAmr فإن إلغاءها من العربية أجدى؛ فهل لأهل اللغة رأي آخر ؟!